الغموض يحوم حول مصير استثمارات المساهمين الخليجيين في بنك سنغافوري ">
الرياض - محمد السهلي:
أكد بنك دي.بي.إس أكبر بنك في سنغافورة أنه سيقلص وحدة الصيرفة الإسلامية التابعة له تدريجيا بعدما لم تحقق اقتصاديات ذات حجم يعتد به. وقال دي.بي.إس، الذي سيستوعب موظفي الوحدة الإسلامية، إنه سيواصل تطوير وتوزيع منتجات متوافقة مع الشريعة الإسلامية مثل السندات الإسلامية أو الصكوك في إطار العمليات الأساسية للبنك. وبالرغم من استعمال الشركة الأم عبارات منمقة في البيان الصحفي فإن الذي يقصد بتقليص الوحدة الإسلامية هي إغلاق «البنك الإسلامي الآسيوي», الذي تمتلك العائلات الخليجية ما يقارب نصف ملكيته. ويتضح من تتبع صحيفة الجزيرة لوسائل الإعلام السنغافورية أن 22 مستثمرا خليجيا يملك كل واحد منهم ما لا يقل عن 5 %. وذكرت وسائل الإعلام أن هؤلاء المستثمرين يأتون من السعودية وقطر والإمارات.
وخلال السنوات الأخيرة ركز الرئيس التنفيذي لدي.بي.إس بيوش جوبتا الذي تولى المنصب في أواخر 2009 على الأعمال الأساسية للبنك لتعزيز الأرباح من خلال تقليص أصول البنك في الأنشطة غير الأساسية.
تعثر العملاء الخليجيين
وعانى «البنك الإسلامي الآسيوي» من الديون المتعثرة لعملائه الخليجيين والتي كبدته خسائر وصلت إلى 77 مليون دولار في 2010. وبعد تلك السنة قرر البنك التقليل من التركيز على أنشطة صيرفة الشركات وتقديم القروض.
ويبدوا أن الهدف الطموح الذي أنشئ من أجله البنك قد ساهم بالإطاحة به. وهذا الهدف تمحور في أن يصبح هذا البنك بمثابة قناة تستطيع من خلالها الشركات والصناديق الوصول إلى العملاء عبر آسيا والشرق الأوسط.
التجار العرب القدماء
وتعول سنغافورة على أحفاد التجار العرب القدماء لتذكر ماضي أجدادهم مع هذه المدينة التاريخية. حيث نجحت تلك الدولة في وضع نفسها كمركز للعلاقات الدبلوماسية والتجارية المتنامية بين الشرق الأوسط وشرق آسيا، وهي إستراتيجية تتزعمها الدولة بهدف تعزيز مكانة هذه الدولة المؤلفة من مدينة واحدة كمركز إقليمي للمال والطاقة.
وتزعم الدولة الآسيوية الصغيرة بأنها في موقع فريد يمكنها من مساعدة المستثمرين الشرق أوسطيين للوصول إلى الأسواق الصينية بسبب علاقات حكومتها الوثيقة مع الزعماء الصينيين.
وهناك تاريخ طويل من العلاقات التجارية والثقافية بين سنغافورة والشرق الأوسط، ولكن حتى عهد قريب كان هذا إلى حد كبير جزءا من الماضي. ذلك أن التجار العرب، خاصة الحضارمة منهم، نشطوا منذ عقود في منطقة جنوب شرق آسيا واستقروا في سنغافورة البريطانية في الأيام الأولى من تأسيسها في عام 1819.
وقبل الحرب العالمية الثانية، كانت عائلات التجار العرب كعائلة الجنيد والكاف من أثرى العائلات في سنغافورة. فكانت تسيطر على تجارة الحج إلى مكة من سنغافورة التي خدمت السكان المسلمين في المنطقة، وحافظت على مصالح وحصص لها في كثير من تجارة الشحن صغيرة النطاق في الأرخبيل الاندونيسي والماليزي، وكانت تملك الكثير من الأراضي في سنغافورة نفسها.
وقد تم تشييد الكثير من المباني التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية وما زالت قائمة في سنغافورة من قبل تلك العائلات العربية، ويمكن مشاهدة الآثار التي تدل على النفوذ الشرق أوسطي حول شارع العرب في محيط الجامع الكبير في سنغافورة، وهو مسجد السلطان الذي تأسس منذ 183 عاما، وحيث ما زال أحفاد التجار الأوائل يحتفظون بمحلاتهم.
كثيراً ما توصف تلك العلاقات القديمة اليوم بأنها ذات نزعة أو اتجاه عام، ويستفيد أصحاب المشاريع من تلك الفكرة عبر سلسلة من المطاعم ذات الطراز الشرق أوسطي التي تم تأسيسها في الآونة الأخيرة، ويدار الكثير منها من قبل مهاجرين جدد من مصر ومن البلدان الواقعة على الخليج. وبحسب صحيفة Asia Times، كان أهم العلاقات التجارية وما زال ممثلاً في الإمدادات الثابتة من النفط الخام إلى سنغافورة، التي يوجد فيها أهم مركز لمعالجة الوقود الأحفوري وتصديره في آسيا.
العربية تدخل المنهج التعليمي
ويتجاوز توسع سنغافورة إلى الشرق الأوسط مجرد الأعمال التجارية والاستثمارية. إذ يتحدث كبار المسؤولين السنغافوريين عن نهج متعدد الأبعاد وطويل المدى لبناء علاقات مع المنطقة، مشيرين إلى الخطط الرامية إلى تأسيس معهد أكاديمي للشرق الأوسط في جامعة سنغافورة الوطنية وجعل تعلم اللغة العربية خياراً متاحاً لطلبة المرحلتين الثانوية والجامعية في سنغافورة.