سعد بن عبدالقادر القويعي
تؤكد الوقائع التاريخية أن السعودية، ومصر، هما جناحا الأمن القومي العربي، وقطبا العلاقات، والتفاعلات في النظام - الإقليمي العربي -؛ لقدرتهما على لعب كلّ منهما أدوارًا محورية في تاريخ المنطقة، وتشكيل توازناتها باعتبارهما مراكز قوى أساسية في الشرق الأوسط، والمنطقة العربية؛ ولأنهما بمثابة العمود الفقري لأي عمل عربي مشترك؛ من أجل مواجهة الأخطار؛ فإنه لا بديل عن التلاحم بين البلدين على كل المستويات.
يقع العبء الأكبر في تحقيق التضامن العربي، والوصول إلى الأهداف الخيرة المنشودة على الدولتين، كونهما يمثلان عمقًا استراتيجيًا أساسيًا لدول المنطقة، لا يمكن تجاوزه عند رسم أي سياسة خارجية، أو الحديث عن نظرة تنموية تأخذ البعد الإقليمي في الاعتبار، والشراكة الاستراتيجية بين بلدين، يمثلان الركيزة الأساس في اللحظة الراهنة، - إضافة - إلى مواقفهما إزاء القضايا التي تشعل المنطقة، وبلورة رؤية مشتركة؛ لكيفية التعامل مع الأخطار المحدقة.
بالرغم من تصاعد أصوات الإعلام المعادي، التي تهدف تعكير صفو هذه العلاقة الأزلية بين عاصمتي القرار العربي، والعمل على تصدير صورة سلبية للعلاقات؛ بناء على بعض التقارير الإعلامية، التي تتحدث عن خلاف سياسي فيما يتعلق بالأوضاع في سوريا، إلا أن الواقع، والمبادئ التي تسير وفقها دبلوماسية المملكة - منذ عقود -، يفيدان عكس ذلك، وتحسبا لمأزق من هذا النوع؛ فإن العلاقات - السعودية المصرية - اتسمت بالقوة، والاستمرارية. ولا أبالغ إن قلت: إن العلاقات تمر بواحدة من أزهى فترات العلاقات الثنائية بين البلدين الكبيرين، على مر العصور في تاريخ الشرق الأوسط.
زيارة الملك سلمان - حفظه الله - إلى مصر تبرز المصير المشترك، الذي يجمع البلدين، - خصوصا - أنها تأتي فى مرحلة بالغة الأهمية. حيث تشهد ازدهار العلاقات بين البلدين على جميع الأصعدة الثنائية، والإقليمية، والدولية مع توافق الرؤى بين البلدين، بما يضمن تعزيز التعاون الاستراتيجي، والاقتصادي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، تبادل الرؤى، والتأكيد على استمرار التعاون المشترك؛ لمواجهة التهديدات الإقليمية، - لاسيما - بعد الأحداث المتصاعدة، التي تشهدها المنطقة مؤخرا، وفي مقدمتها الأوضاع في العراق، وسوريا، وليبيا، واليمن. علاوة على تزايد تهديدات التنظيمات الإرهابية، والتغول الإقليمي، ومشاريع التفتيت، والتقسيم - القديمة والجديدة -، والذي يعتبر الضلع الأساس الثاني في مثلث العلاقة بينهما، وذلك من خلال تشكيل آلية؛ للتنسيق المشترك، وتبادل المعلومات، وبحث احتياجات الدولتين اللتين تواجهان الإرهاب.
إن ثقل البلدين السياسي، والاقتصادي، وعراقة دورهما الديبلوماسي، والسياسي، والإنساني في المشهد العربي، يجعلني أتذكر مقولة المغفور له - بإذن الله - الملك عبد العزيز آل سعود الشهيرة: «لا غنى للعرب عن مصر، ولا غنى لمصر عن العرب»، بل إنه - رحمه الله - أوصى - قبل وفاته - أبناءه خيراً بمصر، وأن يوثقوا روابطهم، وعلاقاتهم بها، وأن لا تتعرض لأي هزة مهما كانت الظروف، مما يؤكد عمق العلاقات السرمدية، التي دامت منذ وجود الدولتين بشهادة التاريخ، والجغرافيا، والتي لا يمكن البتّ فيها بمعزل عن تواصل، وتنسيق - مصري سعودي -؛ لتعكس تلك السياسة الرشيدة بوضوح متانة العلاقات بين الدولتين، واستمرارها في تميزها.