د. فهد صالح عبدالله السلطان
في دراساته عن نقاط القوة ومواطن الضعف لدى الإنسان وجد الباحث المعروف دان كليفتون أننا كمجتمعات وكأفراد نخطئ عندما نركز جهودنا على معالجة نقاط الضعف فينا أو فيمن نعول ونغفل عن تطوير وتنمية وتعزيز نقاط القوة أو المواهب الفطرية. وقد احتل كتاب Strength Finder للكاتب توم راث أفضل الكتب مبيعا في الولايات المتحدة حسب وول ستريت جورنال. خاصة وأنه يقوم على تصحيح خطأ مفاهيمي تقليدي لدى المجتمعات يتمثل في انشغالهم في معالجة نقاط الضعف لا على تعزيز ما يمتلكونه من مواهب وقدرات.
في تقديري أن هذا الخطأ المفاهيمي أثر بشكل ملحوظ على مسار التنمية لدينا على مستوى الأفراد والمجتمع ككل. ننهج ذلك كأباء وكمعلمين وكإداريين وموجهين.....الخ الأمر الذي أفقدنا اكتشاف مواهب الأفراد لدينا وتعزيزها والإفادة منها. عندما يكون الإبن أو الطالب ضعيفا في الرياضيات وقويا في مادة العلوم - على سبيل المثال- تتركز كل جهود المعنيين من أب وأم ومعلم على معالجة تأخره في الرياضيات لا على تعزيز مواهبه العلمية في العلوم واستثمارها وتبنيها واكتشاف قدراته وإبداعاته فيها. ثم ينمو ويترعرع بين هذا وذاك، لا إلى هذا ولا إلى ذاك.. موهبة لم تستثمر وضعف لا يمكن الإفادة منه. كان الأولى أن يتم التركيز على مهاراته وميوله العلمية في العلوم.. ولا يمنع ذلك من مساعدته فقط على تخطي ما يعانيه من ضعف في مادة الرياضيات. والأمر ينطبق على من يعملون تحت أيدينا في الهيئات والمنظمات الأهلية والحكومية...الخ. الأمر الذي قد يفسر قلة عدد الموهوبين لدينا وتدني مستوى مشاركتنا كمجتمع في ما يعرف بالاقتصاد الخلاق أو (Orange economy ).
حان الوقت لنا كمجتمع وكأفراد أن ننحاز لمواطن القوة ونغفل أو نتغافل عن نقاط الضعف فينا وفيمن يقع تحت أيدينا. نحن نعيش في فترة تختلف مقومات التنمية ومعايير المشاركة الاقتصادية فيها عن كل الحقب الزمنية السابقة.. مستقبل اقتصادي جديد سيكون من نصيب المبدعين والمتميزين فقط. تفيد الدراسات الاستطلاعية أن هناك أعمال أو مجالات عمل جديدة ستظهر في المستقبل تفوق أكثر من 30 % من ماهو موجود حاليا من الأعمال. المبدعون والاقتصاديات الخلاقة فقط هم من سيحظى بهذه الأعمال.
وباختصار فإن المستقبل الاقتصادي - والعلم عند الله - سيكون من نصيب المتميزين فقط أفرادا ومجتمعات.
لعلنا نحظى بموقع قدم في ميدان الاقتصاد المعرفي في قادم الأيام.