حمد بن عبدالله القاضي
لم يكن خيار هذا الوطن على مدى تاريخه خيار الحرب ولم تلجأ المملكة لخيار القوة إلا عندما يصل الأمر إلى تهديد أمنها واستقرارها كما حصل بجنوب بلادنا، فالأمر اليوم كما قال الشاعر العربي الحكيم:
إذا لم يكن إلا الأسنة مركبا
فما حيلة المضطر إلا ركوبها
الملك سلمان بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين والمؤتمن على أمن وطنه ومواطنيه كان خطابه دوماً: السلام والسلم.
وقد مارس (الحلم) كثيراً كما مارسه أبوه وإخوانه.. لكن عندما لم ينفع الحلم مع معتدين ظالمين لم يكن له أن يضع الندى مكان السيف.. فكانت حرب اليمن مع دول التحالف لحفظ حدنا الجنوبي، ونصرة الشقيق الذي دعانا لإنقاذ اليمن وشعبها من طغمة المخلوع، وزمرة الحوثي فكان لابد من نصرة الشقيق حتى يعود الأمن إلى ربوعه ليكون السعيد بحكومته الشرعية، بدلاً من شقائه بانقلاب مخلوعه وحوثيه.
والمملكة وهي تقود الحرب مع دول التحالف حاولت قبل الحرب ومعها جنوح المخلوع والحوثيين للسلام وعودة الاستقرار إلى أرض اليمن، ولكن الجاثمين بصنعاء على آمال وتطلعات الشعب اليمني رفضوا كل دعوات السلام فالمهم عندهم هو بقاؤهم ولو على حساب استقرار اليمن وشقاء شعبه.
لقد عملت المملكة على إنهاء (عاصفة الحزم) لتحل مكانها (إعادة الأمل) ولكن أولئك الخارجين على حكومة بلادهم لا يحترمون هدنة أو عهداً، ولا زالت انتهاكاتهم على حدنا الجنوبي وأبنائه مستمرة ولكنها خاسرة ولم تقف حماقتهم عند الاعتداءات وإرسال المقذوفات بل بلغت حماقتهم منع وصول المساعدات الإنسانية لأبناء اليمن.
أية قيادات ظالمة باليمن هذه التي همها السلطة ولا شيء غيرها.
والغريب بالأمر أنه رغم توالي الانهزامات عليهم فلا زالوا في غيهم ومكابرتهم يعمهون وهم يدركون أنهم منهزمون ولا يمكن أن يصمدوا أمام تحالف حق تسنده قوة.
ليدرك المخلوع والحوثويون أن (السعودية) لم تعد تتعامل معهم كما كانت بالسابق عندما كانت تتعامل بالحلم واستخدام الوسائل السلمية بعد أن اتضحت أهداف هؤلاء باليمن وانقلابهم على حكومتهم الشرعية ومحاولاتهم العابثة بالاعتداءات على أرض بلادنا لكنه (الحمق) الذي يدير رؤوسهم وعقولهم، وسيعرفون مصيرهم الأسود قريباً فما جزاء المعتدين إلا الهزيمة والوبال وسيندحرون ويعود السلام إلى اليمن.
خيانة العهد وانتهاكهم لحدودنا
عندما نقول إن (صالح) و (الحوثيين) لا يرعون عهداً فهذا ليس كلاماً تنظيرياً ولكننا مع الأسف نعيشه بشكل يومي من اعتداء على حدودنا، وإرسال مقذوفاتهم على المدنيين في منطقتنا الجنوبية.
إن هؤلاء لا ينفع معهم حوار.. بل القوة كانت الأسلوب الأجدى الذي واجه به التحالف العربي هذه الميليشيات المجرمة.
بالأرقام انتهاكاتهم داخل اليمن
هذه الانتهاكات لم تقتصر على حدودنا وأهلنا بالجنوب بل وتتم باليمن وعلى الشعب اليمني فهم يقصفون الأحياء اليمنية بشكل عشوائي، وقد قتل الآلاف الأبرياء.
أوضح د/ حمزة الكمالي عضو مؤتمر الحوار اليمني ذلك بالأرقام والحقائق معدداً الانتهاكات السافرة:
* مقتل 20 ألف يمني أغلبهم مدنيون.
* نزوح ما يقرب من مليوني يمني من محافظات عدن وتعز وحجة والضالع وذلك بسبب جرائم الحوثيين وصالح.
* تشرد 210 آلاف خارج اليمن.
النازحون يسكنون في 260 مدرسة وتسبب ذلك بحرمان آلاف الأطفال والطلاب من الدراسة.
* فضلا عن ذلك نجم عن هذه الميليشيات وداعمها صالح: خسارة في الاقتصاد اليمني بسبب جرائم الانقلابيين باليمن، فقد قدّر وزير التخطيط والتعاون اليمني (أن حجم الدمار بأربع مدن دخلها صالح والحوثيون يصل إلى نحو خمسة مليارات دولار).
مصادرة ومنع وصول المساعدات
الإنسانية للمحتاجين
لم يحدث بتاريخ الحروب أن تم منع وصول المساعدات الإنسانية من أدوية وأطعمة ولباس للمحتاجين إليها من المدنيين بما فيهم الأيتام والنساء وكبار النساء.. لم يحدث مثل هذا المنع إلا باليمن على يد الحوثيين ومساندهم قوات صالح فقد وقفوا ضد المساعدات سواء من مركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية، أو منظمات الصليب والهلال الأحمر الدولية.
بل بلغ الأمر أنهم إذا صادروا هذه المساعدات حولوا أغلبها إلى دعم الحرب والجرائم، وإذا ما وزعوا شيئاً منها فإنها توزع لمن جاءت إليه ولكن عن طريق البيع!!.
أي إجرام هذا حتى المساعدات الإنسانية يتخذوها وسائل مساندة لقتل الشعب اليمني.
وقد أوردت صحيفة (الجزيرة) بعددها ليوم الجمعة 10-6-1437هـ حقائق مؤلمة عن الحوثيين فقد بلغت بهم أحقادهم (أن أغلقوا المستشفيات، ففي مدينة تعز لم يبق سوى (3) مستشفيات تعمل وتم منع الأدوية الضرورية بسبب حصارهم الذي ضربوه على تعز مما زاد الأمراض وانتقل عدد كبير من المرضى إلى رحمة الله).
إن هذه الجرائم وفقاً للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الأربع تصنّ على أنها جرائم إبادة فهي تتجه لمدنيين لا علاقة لهم بالحرب.
يبقى دورنا كمواطنين رجالاً ونساء، شباباً وصغار أن يزداد تلاحمنا ولا نسمح لأي إنسان أو مغرض أو إعلام من خارج الحدود أن يؤثر علينا أو أن يشكك بمواقف بلادنا ونضال جيشها مع دول التحالف لرفع راية الحق والنصر التي اقترب موعد رفعها على أرض اليمن بإذن الله.
ويبقى دور المنابر على مختلف أطيافها: منابر جمع، وأوراق صحف، وبرامج إعلام، ومواقع تواصل لتقف صفاً بالدعم والرأي والتأييد وبلورة مواقف بلادنا وقيادتها بنضالها الشريف، فللكلمة دورها بالسلم والحرب، فهي (القوة الناعمة) لترسيخ الوحدة ونشر خطاب الطمأنينة والتحفيز من أجل نماء الوطن والإسهام بالحفاظ على أمنه واستقراره ومنظومة تنميته.
وبعد:
لنطمئن في وطننا ونثق بانتصارنا فنحن - بعون الله - المؤتمنون على أقدس بقعتين ونحن قطب العالم الإسلامي الذين يهمنا أن يشيع السلام في كل بقعة بعالمنا.
وقد كانت وقفة الشعب السعودي مع دولته ومليكه وجيشه وقفة رجل واحد وعلى قلب رجل واحد فازداد تماسك الجبهة الداخلية: بأجلى صور المواطنة الحقة.
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.