سكب الدهر من أساه رحيقا

فتحسّاه جرعة إثر جُرعه

«د. غازي القصيبي»

ماني بطرَّادٍ لضوح السرابي

عيني تسنعني حديدٍ نظرها

«مرشد البذال»

الحياة في جانب منها هي مجموعة أيام العمر وسنينه بحلوها ومرها، وإنجازاتها وإخفاقاتها، وأفراحها وأتراحها، مروراً بكل ومضات الآمال.. وإحباطات الإخفاقات وما سوى ذلك من ترادفات معنى.. تفضي في فحواها لوصف صقل تجارب الناس في دهاليز الحياة ظلامها حيناً ونورها حيناً آخر ومنهم الشعراء الذين قال فيهم أمير الشعراء أحمد شوقي (أنتم الناس أيها الشعراء) ربما لأنهم الأكثر دقة وشفافية في نحت أصغر تفاصيل المعاني المؤثرة التي قد يشعر بها الكثيرون، ولكن يستعصي إلى حدٍّ ما عليهم وصف ما يجيش في صدورهم في أكثر من شأن، أسوة بالشعراء، وهنا يبرز التميّز الذي يصل لدرجات التفرُّد عند بعض الشعراء في مناجاة الحياة بلغة خاصة جداً تمثّل بصمة شاعرها من ذلك قول الشاعر دكتور غازي القصيبي -رحمه الله-:

قل لها.. إنه تأمل في دنياه

حيناً فعاد يحضنُ.. دمعه

راعه إنَّ عمره يتلاشى

مثل ما تُخمد الأعاصير شمعه

وصباه يضيع منه.. كما ضاع

نداء.. تطوي المتاهات رجعه

قل لها إنّه يفيق على جرح

وتغفو سنينه فوق لوعه

سكب الدهر من أساه رحيقا

فتحساه جُرعة إثْر جُرعهْ

قل لها.. إنه يهيم.. وأخشى

أن تواريه رحلة دون رجعهْ

وعن تَبَدُّلْ أحوال الدنيا وبعض عادات الناس وتقاليدهم في رحلة تَمَرحُلْ الأيام والليالي بلغة التأثر والتأثير، يقول الشاعر الأمير سعود بن بندر -رحمه الله-:

قلت وين ربوعنا قالت سلو

وكشَّرت في وجهي رمالٍ عطاش

شالو الدنيا معاهم ورحلو

لا علوم ولا سلوم ولا بقاش

مع جديد العصر والعيش الحلو

كلٍ ودنياه في طيش ومعاش

قلت هونك يالثرى مهما فعلو

عنك ما يسلون وانت أريح فراش

حضنك الباقي لهم مهما علو

بس أنا من دونهم مالي ولاش

عنك راحوا بس في القلب انزلو

مثلما ينزل على الورد الفراش

من رحيق الحب شربوا وانهلوا

كل ما في خافقي واصبح نشاش

والمصيبه ليتهم يوم اسألوا

نشفوا قلبي ولا كنّه جراش

لا رمينا مع هل الماضي دلو

ولا خذينا مع هل الحاضر نطاش

ومحطات حياة العمر بمراحلها وتنوّعها هي التي تصقل مراس التجارب بتنوّعها، ومنها ما اختزله في القصيدة من معنى الشاعر مرشد البذال -رحمه الله- الذي أبى تألمه من سلبية مواقف البعض، إلاّ أن يُبيّن أدوارهم في سياق معنى قصيدة غزل ربما كانوا طرفا فيها كعُذَّال أو (وشاة).! في قوله:

ماني بطرّادٍ لضوح السرابي

عيني تسنعني حديدٍ نظرها

لا شك أبي أوصيّك وافهم جوابي

نصيحةٍ لأونست قلبك ذكرها

انذرك عن رِبْعة كبار العلابي

بعض الخبول اللِّي تمسّس غترها

ليا افضيت له ما كان بالصدر غابي

يصبح سدودك عند ربعه نشرها

ما ثمّن الربعه عساه الذهابي

والغرّة اللي شافها ما سترها

هذي وصاتي يوم قفّت ركابي

النفس تذكر يالغضي من ذكرها

- محمد بن علي الطريف