هاني سالم مسهور
أخيراً صدر عن هيئة الأمم المتحدة أول تقرير مفصل عن انتهاكات الحوثيين منذ انقلابهم على الشرعية السياسية في اليمن ، فما صدر عن لجنة الخبراء المكلفة من الأمم المتحدة بموجب القرار الأممي 2114 والصادر في مايو 2014م، أثبت التعاون والتكامل العسكري بين جناحي الانقلاب صالح والحوثي، وحمل وحدات الجيش التي يسيطر عليها المخلوع صالح مسؤولية دعم الحوثيين عسكرياً، بالإضافة إلى إثبات تورط إيران في تزويد المتمردين بالأسلحة.
التقرير المؤرخ للفترة بين 7 أبريل 2015م و22 يناير 2016م الماضيين حمل تحالف الحوثي - صالح المسؤولية في تغذية نزعة التطرف والطائفية وازدياد أتباع أنصار «القاعدة» في اليمن.
وأكد أن الميليشيات تتمركز بين المدنيين وتستخدمهم كدروع بشرية في مخالفة صريحة للقانون الدولي الإنساني، بالإضافة إلى قيامها بتجنيد الأطفال والدفع بهم إلى جبهات القتال. وإلى جانب اتهامه الميليشيات بانتهاك القوانين الدولية وقمع الحريات وتقييد الحقوق السياسية والمدنية، حمل التقرير الأممي المتمردين مسؤولية إعاقة وصول وتوزيع المساعدات الغذائية للمدنيين في اليمن، وهو ما يتسبب في وضع إنساني كارثي في عدد من المحافظات خاصة في تعز، التي تعاني أيضاً من القصف العشوائي للميليشيات.
ما توصل إليه تقرير خبراء الأمم المتحدة ونشر في جلسة مجلس الأمن الدولي التي عقدت في 20 فبراير 2016م توافقت مع نقرير مستقل صادر عن ( لجنة حقوق الإنسان اليمنية ) التي وثقت أكثر من 184 ألف انتهاكاً لمليشيات الحوثي وشريكهم المخلوع صالح حتى نهاية 2015م ، كما وثقت مقتل أكثر من ثمانية آلاف يمني ، واعتقال ثمانية آلاف آخرين، شملت اعتراض قوافل الاغاثة الدولية الموجهة إلى السكان المحاصرين، ومصادرة غالبيتها وبيعها في السوق السوداء، إضافة إلى انعدام الرقابة المجتمعية وتقويض الحريات الإعلامية وإغلاق الفضائيات والصحف وحجب المواقع الإلكترونية التي تكشف اعتداءاتهم المتكررة ، وتتوزع هذه الانتهاكات على 17 مدينة ومحافظة ومديرية.
هذه التقارير المروعة تضاف إلى تقرير قُدم في جلسة 22 ديسمبر 2015م تم التأكيد فيه على أن مجزرتي (دار سعد) و ( المنصورة ) التي ارتكبت في مدينة عدن خلال غزو الحوثي للمدينة الجنوبية ترتقي إلى جرائم حرب ويمكن أن تحال إلى محكمة الجنايات الدولية للتحقيق فيها وإدانة المتورطين.
حصيلة الجريمة الحوثية لا يمكن أن تتجاوز واقعا آخر لا يقل أهمية من هذه الجرائم والفظائع، فالشرخ الذي أوقعته المليشيات في اليمن شرخ عميق قد يحتاج إلى عقود من المعالجة مع تأكيد آخر أن اليمن ذاته عجز عن معالجة آثار عدة اهتزازات سياسية بدأت منذ الصراع السياسي في 1962م وتتابع في مراحل مختلفة سواء في الشمال أو الجنوب، لكن كل المحصلة التاريخية من الأزمات السياسية في اليمن لا يمكنها أن تتجاوز حقيقة هذا الشرخ في علاقة اليمنيين بالداخل.
إأن هذا القدر من المأساة اليمنية وعدم تقدير الموقف السياسي، والاندفاع نحو التمترس خلف المشروع الايراني حمل واقعاً من الصعوبة اليوم التعاطي معه خاصة مع إغراق اليمن بمزيد من الفوضى السياسية والاقتصادية والاجتماعية، هذا الإغراق وتبعاته والمهنجية الفوضوية للمليشيات الحوثية وشريكهم المخلوع صالح لن تؤدي لغير تأزيم لا يمكننا تصور الكيفية التي يمكن معالجتها من خلاله.
أن هذه الحصيلة من القتل والتدمير والتخريب تضع الحكومة الشرعية في مهمة أخرى نحو تجهيز الملف القانوني وملاحقة مجرمي الحرب أمام محكمة الجنايات الدولية فالخروقات الخطيرة لاتفاقيات جنيف 1949 وانتهاكات خطيرة أخرى لقوانين الحرب ارتكبت على نطاق واسع في إطار الانقلاب الذي بدأ في 21 سبتمبر 2014م وما نتج عنه من انتهاكات وفظائع في حقوق الانسان.
فكامل اركان العدوان مثبت قانونياً من خلال الأدلة والقرائن وعليه فما يجب هو متابعة هذا الملف من كل النواحي حتى الإعلامية التي يقع عليها أيضاً مسؤولية كبيرة في إبراز هذه الانتهاكات ودعم الجانب القانوني لحفظ الحق المدني للشعب المصاب بكل الفواجع من جراء الانقلاب على الشرعية السياسية.