د. محمد البشر
في الفترة القريبة الماضية، حدثت على المستوى السياسي أحداث تستحق الإشارة إليها، وتُعتبر منعطفاً هاماً في المنطقة، ووضعها غير المستقر، لعدة أسباب أولها وأهمها هو التدخل الإيراني في شؤون المنطقة، ومواصلة تنفيذ ما كتب في الدستور الإيراني من تصدير للثورة، وهذا في الحقيقة لا يتعدى نشر مذهب بعينه ليتم من خلاله الهيمنة العرقية على كثير من الأقطار العربية والإسلامية، أو إشغالها بنفسها عن المسيرة التنموية حتى يأتي الوقت المناسب للسيطرة، وجعل منظومة كبيرة من الدول تدور في الفلك الإيراني، وهذا في المواقع الملموس ظاهر، كما هو الحال في سوريا ودول أخرى عربية.
إيران مع الأسف استبدلت العيش بسلام مع جيرانها، بصنع المشاكل وإثارة الفتن والنزاعات المذهبية والعرقية، وهذا السلوك غير السوي لا ينسجم مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف الداعي إلى المحبة والسلام والخير في أقطار الأرض.
في اليمن حدث اختراق واضح من قِبل المقاومة الشعبية والجيش اليمني، وبمساعدة دول التحالف وذلك في جهتين من جهات مدينة تعز العزيزة على الأفئدة، وبهذا النصر أمكن إرسال المساعدات الإنسانية إلى الشعب اليمني المحاصر هناك، والمحروم من الماء، والغذاء، والدواء، فكان فتحاً مبيناً لذلك الشعب المظلوم والمحاصر والصامد، تنفس من خلال تلك الرئة، ما يساعده على تحرير أرضه من الظلم.
وفي اليمن أيضاً كان توجه بالمزيد في ضرب القاعدة التي تستحق الضرب وهذه خطوة ثانية في سبيل نشر الأمن والسلام في عدن وغيره من مدن اليمن العزيز، ومنع القاعدة من التوسع المساحي، أو القدرة على زيادة أعداد جديدة من المغرر بهم من قبل قيادات قاعدية وداعشية ذات مرامٍ غير سوية.
في سوريا كان هناك ثلاثة أحداث، الحدث الأول هو وقف العمليات القتالية، ونجاحها إلى حد ما، مع اختراقات من قبل جيش الأسد وأعوانه، وغيرهم، وكان هذا الاتفاق الذي تم بين الولايات المتحدة الأمريكية التي تقود التحالف لمحاربة داعش وبين الحكومة الروسية التي قدمت إلى سوريا بحجة محاربة الإرهاب، ثم اتضح أن هناك خلطاً كبيراً بين ما هو إرهابي يستحق القتل، أو معتدل يبحث عن تحرير وطنه، وطلب الحرية والعدل المفقودين منذ زمن طويل.
الحدث الآخر، هو بدء المحادثات بين المعارضة ومندوبي الأسد في جنيف برعاية أممية، أملاً في الوصول إلى حل يحقق الأهداف، والتي من ضمنها رحيل الأسد، وتشكيل حكومة تشمل جميع الأطياف، مع الحفاظ على وحدة التراب السوري، وعودة المهجرين إلى ديارهم، وكذلك القضاء على الدواعش ومن في حكمهم.
الحدث الثالث، إقدام موسكو على سحب جزء من جيشها من الأرضي السورية، وهذه الخطوة تحتاج إلى تمعن فيما يخص التوقيت لا سيما أنه قد صدر تصريحٌ من وزير خارجية الأسد، يذكر فيه أن الرئاسة لا يمكن المساس بها، وكأن ما أُريق من دماء ليس إلاّ لتغيير وزيرين أو ثلاثة مع بقاء النظام ورئيسه في السلطة، والحقيقة أن هذا التصريح لم يجد قبولاً من أحد سوى أعوانه.
قيل هذا كله، كانت قرارات متلاحقة من دول الخليج ووزراء الداخلية العرب، ووزراء الخارجية والجامعة العربية، وذلك باعتبار حزب الله حزباً إرهابياً وذلك بسبب تدخله في شؤون الدول الأخرى بلا استثناء، مع مواصلته مساعدة جيش الأسد في حرية ضد شعبه، وهذا الواقع أمر يتفق مع المنطق، وإلاّ فكيف لحزب داخل دولة أن يفعل ما يشاء داخل الدولة وخارجها، وكأنه قد اختطف الدولة التي ينتمي إليها، بل إنه في الحقيقة اختطفها.
في ظل هذه الأحداث، كانت المملكة العربية السعودية عنوان الخير، والمساعدة في إعادة الحق والعدل، وردع الظلم، وبيَّنت الأحداث أن المملكة ذات وزن سياسي كبير، تستمده من نهجها السليم وغايتها النبيلة، ووقوفها مع الحق والعدل، ونبذ الظلم وقهر الشعوب، وفوق ذلك كله من محافظتها على الإسلام ومنع اختطافه من قبل الغير، وهذا الأمر الذي قامت عليه المملكة وظلت تبذل الغالي والنفيس من أجله.
حفظ الله المملكة قيادة وشعباً من كل مكروه، وأدام عليها الأمن والأمان.