د. محمد البشر
المملكة وقفت مع إخوانها العرب، ومع شعوب العالم أجمع مواقف نبيلة منذ إنشائها، وكانت وما زالت تعطي بسخاء غير محدود، ولم تعدد تلك الوقفات المجيدة بمنّة على أحد، ولم تطلب من أحد قط أن يقف معها موقفاً غير مستحق، ولم تطلب من أحد أيضاً موقفاً لا نستطيعه، ولا موقفاً يضر به داخلياً.
والمملكة تؤْثر مصلحة الأمة الإسلامية والعربية على مصالحها الشخصية، لأنها تؤمن أنّ مصلحتها مع مصلحة أمتها، ولم تقف المملكة موقفاً منافياً للسِّلم العالمي.
العالم العربي يمر بمرحلة خطيرة تعتبر من أشد المراحل خطورة، وتماسك العالم العربي والحفاظ على هويته أصبح أمراً ملحاً، وفي ظل هذه المرحلة كان لابد من المملكة صوت يعلو ليجمع الأمة، ويوحد الكلمة، فسعت لغاية نبيلة أن تقوم بدور مع شقيقاتها في رأب ذلك الصدع، ومنع المناوئين من خلال الردع، وكانت وما زالت تأمل أن تكون تلك الدول عوناً لها، أو أن تساهم بجانبها ليكون العود أقوى، والأزر أشد.
المملكة ترى أن تجاهل الأمور، وتركها للزمن ليقوم بحلها دون فعل جاد، هو خطأ لا مراء فيه، وهي ترى أنّ الاستمرار في الاعتماد على الغير طريق لابد له من نهاية، وترى أنّ من الحصافة إعادة اللحمة داخل كل دولة من دولنا العربية و الإسلامية، لا سيما إذا تدخلت الأيادي الخفية والظاهرة في هذه البلاد العربية صاحبة التاريخ المجيد الذي أسدى للغرب فضلاً ما بعده فضل، من خلال صنع المعارف، ونقل ما صنعت، وما وجدت في كتب الإغريق والصين، وغيرها من الأمم، وفتحت الجامعات في بغداد، ومصر، وتونس والمغرب والأندلس، فكان الجسر طويلاً متماسكاً، يحمل زاد العقول التي ارتوت به، فأوجدت هذه النهضة الصناعية التي ينعم بها العالم أجمع، وتزهو بها وتستفيد منها الدول المتقدمة.
لقد تأكدت المملكة، وعرف العالم أجمع أن اليمن الشقيق كاد أن يختطف من قِبل إيران، فسارعت لإنقاذ شعبه العزيز بغض النظر عما يلحق بها من تبعات لأنّ مصلحة الشعب اليمني تستحق كل ذلك، ولهذا فقد هبت مسرعة للوقوف مع الشرعية بعد أن طلبت منها ذلك، وما زالت مستمرة ومن ورائها تحالف ضربت فيه الإمارات العربية المتحدة الشقيقة مثالاً يحتذى للوفاء والوقوف مع الحق.
اليمن لم يكن في يوم من الأيام تابعاً لإيران ولن يكون، والشعب اليمن كان خياره منذ إنشاء المملكة العربية السعودية، وضع يده بيدها، لهذا فلن يغير تلك القناعة فئة غلبت مصلحتها على مصلحة وطن وشعب بأكمله.
اليمن عربية وتوجهاتها عربية، وهي جزء من الجزيرة العربية، وجارة عزيزة على المملكة، وإرثها القبلي والثقافي امتداد للمملكة، ولهذا لم ولن تكون مهما كانت المعطيات إلاّ في هذا النسق المتوافق مع العقل والمنطق والواقع والتاريخ.
سوريا، أرض الحضارة، أرض انطلق منها بعد مكة والمدينة الفتح الإسلامي حتى وصل إلى الهند والسند وغيرها من بقاع العالم، هي مهد الدولة الأموية التي على ترابها ولد زعماء عرب، وثقافة عربيه، ومقاتلون عرب، هي الأرض التي كانت عبر تاريخها مولداً للأنبياء والصالحين والمصلحين، فلن تكون إلاّ عربية، ولن تنسلخ من جلدها العربي مهما أراد مغتصب نصب نفسه رئيساً عليها، وليس لإيران بها ناقة ولا جمل، ولن يكون لهم بها مكان مهما كان الأمل.
الشعب السوري بأغلبيته الساحقة يشكر للمملكة موقفها إلى جانبه، وسعيها إلى منع اختطافه من قِبل إيران وأعوانها، والشعب السوري الكريم يعلم أن إيران قد ركبت موجة عنصريه، أوحت أن الشعب السوري الكريم كله إرهابي، وأنها تساعد في إنقاذه، بينما هي في الواقع من حملة لواء الإرهاب في سوريا وغيرها.
وأخيراً لبنان العزيز، ولن أضيف جديداً لذكر ما للمملكة من إنفاق سخي يستحقه لبنان منحته إياه طوعاً، ومعظم الشعب اللبناني محب للملكة، لكن حزباً إرهابياً وراءه إيران، أراد اختطاف قراراته ووضعه في موقف مغاير تماماً للإجماع العربي، فكان صوت وفعل المملكة عالياً للتنبيه على ذلك، والعمل على إعادته إلى منزله العربي، إنها المملكة بلد الخير والسلام وستظل كذلك.