أ. د. عبدالمحسن بن وني الضويان
ومن يربط الكلب العقور ببابه
فعقر جميع الناس من صاحب الكلب
هذا البيت البليغ من الشعر يقول إن من يتسبب بأذى الآخرين، فالمسؤولية عليه مع عدم إعفاء المؤذي المباشر لأنه لولا المتسبب لما تجرأ على الأذى. الكلب العقور الذي أقصده هو حزب الله وصاحب الكلب هي إيران تلك
الدولة المارقة التي لا تلتزم بعهود ومواثيق تنشر الدمار والفوضى أينما حلت حتى في الدول التي تدّعي أنها تحاول مساعدتها لأسباب طائفية أو مذهبية وحال العراق وسوريا خير مثال ذلك.
إيران دولة عجيبة ليس لها مثيل في دول العالم وجهت كل جهودها لزرع الفتن والقلاقل في دول الجوار دون هدف واضح سوى الأذى الظاهر، بل إنها آذت نفسها ومواطنيها انصرفت كلياً عن التطوير والبناء ورفع مستوى المواطن الإيراني. يعيش نسبة كبيرة من سكانها تحت خط الفقر توقفت أنشطتها الحضارية تماماً وحل محلها الأيدولوجيات والطائفية البغيضة التي تفرق بين أبنائها، الكل يتذكر إيران في عهد الشاه المزدهر مقارنة بالزمن الحاضر كان الكثير من مواطني الخليج يتجهون إليها للسياحة والتجارة، بل وحتى للعلاج حيث يشتهر لديها في ذلك الزمن طب العيون وفي سنوات السبعينيات ابتعثت المملكة بعض خريجي الثانوية إلى جامعاتها لدراسة الطب وللأسف لم تنجح التجربة بسبب إصرارهم على اللغة. أذكر كنت في أثناء دراستي في أمريكا كان الطلاب الإيرانيون يتظاهرون في الجامعات مطالبين بتغيير نظام حكم الشاه أملاً في مستقبل مشرق لبلادهم، وما علموا أنهم سيترحمون على حكم الشاه ويرددون قول الشاعر:
رب يوم بكيت فيه فلما
صرت في غيره بكيت عليه
لا أعتقد أن أي إنسان في أي بلد في العالم يتمنى أن تنتهج بلاده سياسة دولة إيران.. بلد المواطن فيها لا يتمتع بأي ميزة وطنية ثروات دولته تبدد على المؤامرات وشراء السلاح وتوزيعه على ميليشيات تزرع الرعب والخوف في قلوب مواطنيها حتى كوريا الشمالية لم تصل إلى مستوى إذلال أبنائها كما تفعل إيران، ستقودها سياستها إلى المواجهات مع الدول سواء المجاورة أو دول العالم، أمرها غريب يبددون ثروات البلاد في مشاريع خاسرة لا أحد يستفيد منها مثل السلاح النووي الذي أنفقوا عليه مليارات الدولارات واستفزوا دول العالم واستعدوا الجميع ثم في مشهد مبكٍ ومضحك يحتفلون بإلغائه أو تأجيله، مبكٍ لأن الأموال كلها بددت هباء، ومضحك لأنهم فرحوا بانتهاء المفاوضات المذلة لهم في إيقافه، بل إنه من السخرية أن يكرم أعضاء فريق التفاوض الإيراني مع أمريكا ودول العالم لإيقافها برنامجها النووي، سبحان الله ينفقون مئات البلايين على مشاريع فاشلة ثم يحتفلون بإلغائها.
يُقضى على المرء في أيام محنته
حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن
من أذرع إيران الشريرة في المنطقة العربية ما يُسمى زوراً وظلماً بحزب الله وحاشا أن يكون حزباً لله فهو قائم على العدوانية والتدخل في شؤون الغير مستخدماً كل أدوات الشر من قتل وتهديد وقلب للحقائق وغسل الأدمغة مستخدماً تعاليمه من ملالي إيران الذي يدين لها زعيمهم بالولاء والتبعية أكثر من ولائه لدولته العربية لبنان، حتى إنه انحرف هو وأتباعه صوب إيران متنكراً لعروبته لادعائه بأنه مقاوم لإسرائيل ويذود عن فلسطين وأهلها، ويتدخل بشكل سافر بمواقف لبنان من القضايا العربية وحاول ونجح ولو مؤقتاً في اتخاذ دولته لبنان سياسة مناهضة سلبية تجاه الأمة العربية عامة والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص مستغلاً تسامح المملكة وصبرها، مما اضطر المملكة إلى اتخاذ قرار أكثر حزماً تجاه هذا، محملاً حكومة لبنان المسؤولية في ضرورة في وضع حد لعدوانيته، لكن للأسف الحكومة اتخذت سياسة تسميها بسياسة النأي بلبنان عن المشكلات التي تشتعل فيها المنطقة العربية بسبب مواقف إيران العدائية وذراع الشر حزب الله. وسياسة النأي أثبتت عدم جدواها فقد جلبت للبنان الإحراج الشديد باتخاذه مواقف عدوانية مثل تحفظ وزير الخارجية على إدانة حكومة إيران بالاعتداء على السفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد، وإفساح المجال أمام حزب الله وربما تشجيعه عدائية وتماديه بالنقد والملامة للمملكة والحكومة اللبنانية لا تحرك ساكناً، ولكن وكما يقال اتق صولة الحليم إذا غضب، وقد أعلنتها حكومة المملكة العربية السعودية بموقفها الحازم تجاه الحكومة اللبنانية بإيقاف وإلغاء مساعداتها للقوات العسكرية للبنان وللأمن القومي، مما أربك لبنان وقادتها وكانت مفاجأة صادمة لهم لم يحسبوا لها حساباً، وحاولوا تلطيف جو العلاقة بمحاولة زيارات إلى المملكة وإلى دول الخليج التي اتخذت نفس الموقف من لبنان، واعتقدوا أن الزيارات إلى دول الخليج العربي والمملكة كافية لرأب الصدع وإعادة الأمور إلى نصابها ولكن هيهات المملكة تريد أفعالاً تلجم أعداءها وتخرس حزب الله وأتباعه، وهذا ما لا يبدو واضحاً حتى الآن، وسيستمر موقف المملكة إلى أن تتخذ حكومة لبنان مواقف صارمة تجاه هذا الحزب وعدائيته للمملكة وتوقفه عند حده، في هذه الحالة ربما تعيد النظر في علاقتها بلبنان الحكومة بالطبع، أما لبنان كشعب فلا تزال المملكة حكومة وشعباً تكن له كل التقدير والمحبة ولا ينكر دوره ألا جاهل في مختلالميادين وعروبته الصادقة من ينكر شعب لبنان الوفي في المجالات العلمية والثقافية والأدبية وعمالقة قادته المعروفين الذي لا يتسع المجال لذكرهم كما هو معروف لدى شعب المملكة من شعراء وعلماء لغة وكُتّاب ذوي هامات شامخة، إضافة إلى طبيعتها الأخاذة والتي جعلتها لفترات طويلة مقصداً للزوار والمصطافين ومن ينشد العلم والمعرفة.
نحن في المملكة على يقين بأن لبنان ستعود - بإذن الله - إلى حضن العالم العربي الدافئ الأخوي، ولن تكون إيران بديلاً عن انتمائها العربي ولن تتخلى عن قضاياه العادلة ونأمل أن يتم ذلك قريباً.
أما إيران، فإني أريد أن أقول إن سياستها الداخلية والخارجية ستؤدي إلى تآكل حكم الملالي الذي جثم على صدور الشعب الإيراني لأكثر من أربعة عقود.. دولة إيران لها مشاكلها لديها أقليات من عرب وأكراد وتركمان وبلوش ويشكلون نسبة كبيرة من السكان، هذه الأقليات قد همّشها عهد الملالي وهي تنتظر الفرصة للثورة على الطغيان والظلم والاستبداد والإقصاء يضاف إلى ذلك وضع إيران الاقتصادي المتردي وكثافتها السكانية والتي يعيش نسبة منهم تحت خط الفقر، وفوق هذا وذاك انشغال إيران بإشعال الحروب والنزاعات في الدول المجاورة واتباع سياسة المراوغة والكذب والدسائس والمؤامرات.
كل هذا كما يتوقع المحللون سيعجل بسقوط دولة الملالي وعودة إيران شعباً وحكومة إلى جارة صديقة تبني علاقاتها على المصالح المشتركة ونبذ العنف والعداء، عندها ستضمحل المخالب التي زرعها الملالي من أتباع حزب الله والحوثيين وأنصارهم في كل من العراق وسوريا.. نقول ذلك ونحن على ثقة بعون الله وقدرته.