أ. د. عبدالمحسن بن وني الضويان
الحمد لله الذي وفقَ خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - لاتخاذ قرار سليم لأمر جلل لنصرة جار عزيز تعرض لظلم عظيم.. لا شك أن قرار خادم الحرمين قد تمت دراسته بعناية تامة ووضعت وسائل تنفيذه من قبل أهل الدراسة والخبرة والمعرفة بقيادة الملك سلمان - حفظه الله -،
بعد أن استفحل وضع الخارجين على الشرعية من الحوثيين، وهددوا أمن وسلامة اليمن بكافة أطيافه، واستهتروا بشرعية البلاد اليمنية والبلاد المجاورة، وخصوصاً المملكة العربية السعودية، حاولت المملكة جاهدة إعادة هؤلاء العصاة إلى جادة الصواب بدعوة الجميع للحوار وإنقاذ بلادهم من التفكك والضياع، وحاولت احتضان الجميع وتغليب مصلحة الوطن على الأطماع الشخصية فلا شيء يعلو على أمن البلاد واستقراره والانضواء تحت لوائه، لكن العصاة ينفذون أجندة هي أبعد ما تكون عن رغبة الجميع في أن يكون اليمن سعيداً آمناً متحداً متماسكاً، أخذهم الصلف والغرور واجتاحوا أجهزة الدولة وعاثوا فيها فساداً واحتجزوا رئيس البلاد ووزراءه وهددوا حياتهم واستولوا على مقدرات البلاد ونهبوا مخازن الأسلحة لأمر خسيس قد يكون وضعه لهم أسيادهم خارج بلادهم، ورفضوا كل أنواع الحوار والتواصل مع حكومة اليمن، انقلبوا على الشرعية وتحولوا إلى لصوص شرسين وعاثوا في الأرض فساداً وتخريباً وقتلاً وحرقاً، وعرّضوا أمن وسلامة بلادهم والبلاد المجاورة وبخاصة دولة الخليج إلى الخطر، وقد وجدت المملكة العربية السعودية ودول الخليج أن هذه الفئة من الصعب التعامل معها والاطمئنان إلى مخططاتها الخطيرة، فكان لا بد من قطع دابر الشر والقضاء على الأطماع التي تُحاك لليمن على وجه الخصوص ودول الخليج على العموم، ولم يعد الأمر محتملاً ووصلت حالة البلاد إلى طريق مسدود، فأجمعت المملكة وحلفاؤها أمرها وعقدت العزم على حسم الوضع، وفي منتصف ليلة الأربعاء الخامس من شهر جمادى الآخرة اتخذ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز قراراً حكيماً مع حلفائه من دول الخليج العربي والدول العربية والإسلامية، بالبدء بمهاجمة الأشرار الحوثيين وإعادتهم إلى طريق الحق وكسر شوكتهم وانتزاع أنيابهم، قراره - يحفظه الله - فاجأ الجميع فلم يكن أحد يتصور أن المملكة وحلفاءها بهذه السرية التامة المذهلة، التي صعقت الحوثيين وحلفاءهم وأفقدتهم التوازن، حتى إنه في خلال دقائق سيطر سلاح الجو السعودي والخليجي المدرب تدريباً كافياً على أحدث الطائرات بأسلحة ذكية شلت قدرات الحوثيين وأفقدتهم صوابهم ومنعت عنهم كل السبل الممكنة لإمدادهم من قِبل أسيادهم بالسلاح والعتاد براً وبحراً وجواً، وحسب الخطة المرسومة لعاصفة الحزم، تهاوت قلاعهم وقضي على قدراتهم الهجومية والدفاعية، وفروا هاربين إلى مناطق أخرى وضاقت علهم الأرض بما رحبت، فهاموا على وجوههم ولم يجدوا الملجأ والعون ممن حرّضهم على الشر سوى تصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع، هذه صقور الجزيرة العربية تدك كل ما في طريقها من دفاعات لأنصار الشر والمكر والخيانة، يُؤازرهم بعون الله جنود بواسل على الحدود اليمنية للقضاء على أي محاولة للتسلل داخل المملكة أو الحصول على معونات خارجية.
ما يجعل عاصفة الحزم ذات الأهداف الواضحة والمتمثلة في دعم الشرعية والحكومة المنتخبة وعدم وجود أطماع للمملكة في اليمن أقنع دول العالم العربي والإسلامي والدول المحبة للسلام بتأييد ما تقوم به المملكة العربية السعودية وحلفاؤها من دول الخليج والدول العربية في قطع دابر الشر والقضاء عليه، وإعادة الأمن والاستقرار إلى اليمن السعيد بتثبيت الشريعة وتمكينها من القيام بمهامها على الوجه المطلوب، وجلوس جميع أطياف الشعب اليمني إلى طاولة الحوار الجاد ومشاركة الجميع في مسؤولية الأمن والمحافظة على وحدة البلاد شمالاً وجنوباً.
حتى الآن، ولله الحمد نتائج عاصفة الحزم ناجحة وتتميز بأقل الخسائر البشرية الممكنة، عاصفة الحزم في طريقها - إن شاء الله - لتحقيق أهدافها جميعاً.. ما أعنيه الأهداف هي الأهداف المباشرة لعاصفة الحزم، وهي كما قلت تحقيق الشرعية في بلاد اليمن واستقراره، وبدء مرحلة جديدة في التنمية الاقتصادية ورفع مستوى المواطن اليمني الذي عانى كثيراً من الحروب والظلم والفقر واغتصاب خيرات البلاد من أناس لا تهمهم إلا مصالحهم الشخصية، وأذهب بعيداً في التوقع لتحقيق أهداف أخرى لا تقل أهمية عن أهداف اليمن المباشرة، أتوقع - بإذن الله - بعد نجاح عاصفة الحزم أن يكون لمنطقتنا العربية وجه آخر مشرق ونمو على كافة الأصعدة وقطع دابر كل من يحاول العبث بأمن واستقرار البلاد العربية، وبخاصة الدولة المحرّضة على الفوضى وعدم الاستقرار، بعد أن وجدت أن الدول العربية ليست نمراً من ورق يمكن اللعب بمقدراتها، أتوقع أن تنكسر أذرع إيران في كل من لبنان وسوريا والعراق بعد أن قطعت - بإذن الله - في اليمن، وأن يفهم الإيرانيون أن الخير في بلادهم سيتحقق متى ما تركوا دول الجوار العربي تعيش بسلام وركزوا على أمن واستقرار ورخاء بلادهم، بدلاً مما يحصل الآن من تبديد ثروة البلاد على المؤامرات والدسائس وزرع القلاقل هنا وهناك.. عسى أن تفهم إيران مما حصل وتعود لرشدها دولة تتصالح مع جيرانها وتنمي علاقات قائمة على التعاون البناء بينها وبين الدول العربية وتبادل المصالح والانصراف لخدمة المواطن الإيراني.. أقول: عسى ذلك يتحقق.. والله ولي ذلك والقادر عليه.
حفظ الله بلادنا، وحفظ لنا أمننا واستقرارنا في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، وولي ولي العهد وزير الداخلية، والله من وراء القصد.