د. محمد عبدالله الخازم
المتابع لتطورات التنمية في المملكة، وتحديداً في مجال تنمية المدن الصغيرة يجد أن ابرز تجربتين في هذا المجال هما تجربة المدن العسكرية أو تأسيس القواعد العسكرية بالمدن، مثل ما حدث في تبوك وخميس مشيط و المدن الصناعية، مثل ما حدث في الجبيل وينبع. جربنا نوعا آخر من التوجهات كبناء المدن الاقتصادية والمدن الجامعية، لكنها لم تأت أكلها بعد، ولايبدو أنها ستكون محفزة بنفس القوة التي أحدثتها المدن الصناعية بالجبيل وينبع أو التي أحدثتها القواعد العسكرية بتبوك والخميس.
من هذا المنطلق استبشرنا بإعلان تأسيس قاعدة الملك سعود الجوية بحفر الباطن، لعلها تسهم بنقلة تنموية نوعية بحفر الباطن وما يحيط بها.
حفر الباطن ومع تأسيس جامعة بها والآن قاعدة عسكرية يمكن أن تصبح مدينة ومحافظة ناهضة ونامية بشكل كبير، لكن ذلك يتطلب خطة تنموية أكثر شمولاً تتجاوز مجرد تغيير لوحة الكلية بمسمى جامعة أو تغيير لوحة المقر العسكري بمسمى قاعدة أو مدينة عسكرية. وهذه بعض الأفكار لذلك:
أولاً: أقترح الإسراع بمد سكة القطار إلى حفر الباطن وربطها بالمناطق والمدن الكبرى الأقرب لها، وكذلك تطوير مطارها وإيجاد حركة طيران محورية تربطها بما حولها من المدن الكبرى. على سبيل المثال نجد أن حفر الباطن رغم أن جامعتها كانت فرعا من جامعة الدمام إلى أنه لا يوجد خط طيران أو قطار بينها وبين الدمام، ويضطر المسافر إليها من الدمام جواً أن ينتقل للرياض أولاً قبل السفر إليها أو براً السير عبر خط بري محفوف السفر فيه بالمخاطر.
بل أقترح أن تكون حفر الباطن محطة ضمن خط سير القطار الذي سيربط دول الخليج بالمملكة، بحكم موقعها الشمالي الشرقي وقربها من دول الخليج العربي.
ثانياً: أقترح أن تنقل لها واحدة أو أكثر من الكليات العسكرية أو مراكز التدريب العسكرية والأمنية المتقدمة، لتتكامل خدماتها العسكرية التعليمية والتدريبية. سبق أن طالبت أكثر من مرة بنقل الكليات ومراكز التدريب العسكرية والامنية من الرياض وجدة إلى المدن الطرفية الصغيرة للإسهام في تنمية تلك المدن وتخفيف الازدحام عن المدن الكبرى.
ولا زلت أرى أهمية مبادرة القطاعات الكبرى كوزارة الدفاع ووزارة الحرس ووزارة الداخلية ووزارة التعليم وغيرها بتوجيه مشاريعها التنموية الكبرى خارج المدن الرئيسة الكبرى، الرياض وجدة والدمام، وذلك لغرض تخفيف الضغوط على المدن الكبرى والمساهمة في توجيه التنمية الاقتصادية والسكانية نحو مدن أقل نمواً.
ثالثاً: اقترح الإسراع بتأسيس مستشفى حفر الباطن العسكري ومساكنها العسكرية وغير ذلك من الخدمات المساندة. أو على الأقل الإسراع في تأسيس مستشفاها الجامعي ليقدم خدماته للمواطنين والعسكريين معاً.
رابعاً: إضافة إلى ذلك أقترح حث جميع القطاعات بمنح أولوية لهذه المدينة الناهضة أو تأسيس هيئة عليا لتطويرها لتكون انطلاقة قاعدة الملك سعود ليست مجرد خدمات عسكرية بل خدمات تنموية تسهم فيها وزارة الدفاع بالتضامن مع الجهات الأخرى.
ولن يكون ذلك مستغرباً، فقد تعودنا من وزارة الدفاع ومن وزارة الحرس الوطني وزارة الداخلية أن تتجاوز أدوارها الأمنية والعسكرية في بلادنا إلى القيام بأدوار تنموية كبرى، على مدى عقود مضت.
أكرر تفاؤلي بإيجاد قاعدة عسكرية بحفر الباطن، وأتمنى أن يؤسس على ضوئها خطة تنموية شاملة لمحافظة حفر الباطن والمحافظات القريبة منها لتكون نموذجاً في المدن المستحدثة والمطورة ببلادنا.
** ** **
تنويه
كتبت في المقال السابق عن وضع الدبلوماسيين، مطالباً بتغيير نظام الإيفاد من أربع سنوات إلى ست أو ثماني سنوات، ولا زالت مطالبتي محلها وأكررها اليوم. لكن هناك من ركز ملاحظته على دقة الأرقام ، رغم أنني أوضحت أنها افتراضية وتشمل الدبلوماسيين ومن في حكمهم من الموفدين من كافة القطاعات. تعودت الحرص على دقة المعلومة ولأنه لا يوجد أرقام معلنة في هذا الشأن، بحكم تعدد القطاعات التي ينتمي إليها الموفدون وعدم حصرها بموظفي المراتب الدبلوماسية بوزارة الخارجية، أشرت بوضوح إلى أنه رقم افتراضي لغرض توضيح الفكرة ومبرراتها.