القرار يدعم نمو «سوق الصكوك» مع التصنيف الائتماني القوي والعائد الجيد ">
الجزيرة - عبير الزهراني:
أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» أمس أنها قررت رفع الحد الأعلى لنسبة مبلغ التمويل إلى قيمة المسكن الواردة في المادة (الثانية عشرة) من اللائحة التنفيذية لنظام التمويل العقاري من 70 في المئة إلى 85 في المئة لشركات التمويل العقاري دون البنوك.
وأكَّد محافظ «ساما» الدكتور فهد بن عبد الله المبارك أنه بعد مرور أكثر من عام على تطبيق أنظمة التمويل ولوائحها التنفيذية تبيّن للمؤسسة قدرة شركات التمويل العقاري على التعامل مع مخاطر التمويل العقاري والتكيف مع التحديات المصاحبة لطبيعة عمل قطاع شركات التمويل خصوصاً أنها لا تتلقى ودائع كما في البنوك.
وأوضح المبارك أن زيادة النسبة لشركات التمويل سيدعم تحقيق النمو في قطاع التمويل العقاري وإيجاد بيئة تنافسية بين شركات التمويل العقاري لتساهم في توفير خدمات أكثر بجودة أعلى وبأسعار تنافسية، بما يخدم المواطن ويلبي احتياجات السوق، وذلك دون إخلال باعتبارات سلامة واستقرار قطاع التمويل العقاري.
وتحدث لـ «الجزيرة» الاقتصادي محمد العنقري معلقا على القرار بأنه محدود الأثر إجمالا، كون المؤسسة طالبت شركات التمويل العقاري بشروط منها التأكد من ملاءة المقترضين، مبينا أن حجم السيولة لدى شركات التمويل العقاري هو أقل من البنوك، وقال: أعتقد أنه يفترض أن ينتعش سوق الصكوك بعد أن تطرحها شركات التمويل العقاري في سوق ثانوية، لكن هذا الأمر قد يستلزم وقتا طويلا.
وأضاف: حتى تطرح هذه الصكوك يجب أن يكون لها تصنيف ائتماني قوي مع انخفاض جانب المخاطرة حتى يكون هناك إقبال قوي من المستثمرين، بالإضافة إلى العائد الجيد، الأمر الذي يحتاج إلى خطوات كبيرة ووقت طويل حتى يصبح واقعا. وأردف العنقري: بالمقابل فإنَّ شركات التمويل العقاري فيما لو احتاجت إلى السيولة الكافية فلديها خيارات عدة منها التوجه لشركات إعادة التمويل والتي قد تشاركها العائد، بالإضافة إلى الخيارات المتعلقة بالرهون العقارية وإعادة طرحها على شكل صكوك، وهذه تعتمد كما أسلفت على جوانب التصنيف الائتماني، العائد، نوعية الطرح سواء شمل شركات أو أفرادا، إلى جانب تقييم جودة الأصول والملاءة المالية للشركات والمقترضين على حد سواء.
وكانت مصادر مطلعة في هيئة السوق المالية قد كشفت لـ»الجزيرة» في وقت سابق عن اعتزام الهيئة؛ العمل على تطوير توجُّه استراتيجي وطني موحد لسوق الصكوك وأدوات الدَّين؛ وذلك لدعم تمويل مشروعات التنمية.
وبحسب ما ذكرته المصادر في حينه، فإن هذه الخطوة ستكون قريباً، وتحرص الهيئة على هذه الخطوة نظراً لأهمية هذا السوق للاقتصاد الوطني، وكونه رديفاً رئيسياً لدعم تمويل مشروعات التنمية.
وأضافت: الهيئة ترى أن تشجيع إصدار الصكوك وأدوات الدَّين مهم جداً في ظل ضعف السوق المحلية في هذا الجانب إذا ما قورنت بمثيلاتها في الأسواق الناشئة؛ فهي تمثل نسبة ضئيلة من تمويلات المصارف.
وأوضحت المصادر أن تطوير هذه السوق يتطلب تضافر الجهود، والتعاون بين جهات متعددة، تؤثر في نشأته واستمرار نموه ومدى جاذبيته للمستثمرين والمصدرين.
من جهته قال الاقتصادي عبد الرحمن السلطان إن قرار مؤسسة النقد بأن تكون زيادة الحد الأقصى لنسبة التمويل للقروض العقارية إلى 85 في المئة مقصورة على شركات التمويل دون البنوك الحيطة والحذر التي توليها مؤسسة النقد للمخاطر التي يمكن أن تتعرض لها البنوك في حال تراجع أسعار العقارات وهو أمر متوقع جدا في الوضع الحالي. فكما هو معلوم فأزمة الرهن العقاري في عام 2007 والتي لا زال الاقتصاد العالمي يعاني منها نجت المملكة منها بفضل عدم وجود نظام رهن عقاري في المملكة قبل ذلك الوقت والذي كان يمكن أن يتسبب في تعرض البنوك للقطاع العقاري بشكل كبير والتسبب في فقاعة عقارية انفجارها سيعرض البنوك لمخاطر هائلة، وتضطر معها الدولة للتدخل لحمايتها. وبدء تطبيق أنظمة الرهن والتمويل العقاري في المملكة في هذه المرحلة التي يتوقع فيها أن تشهد فيها أسعار العقارات تراجعاً كبيراً يجعل من الضروري أن نتخذ كل ما يضمن تعرضنا لأزمة رهن عقاري خلال المرحلة القادمة بسبب توسع تعرض البنوك للقطاع العقاري في وقت تشهد فيه أسعار العقارات تراجعا كبيرا. ومن ثم فقرار مؤسسة النقد من استثناء البنوك من زيادة الـ 15 في المئة يقلل من إمكانية تعرضها لمخاطر من تراجع العقارات حيث ستكون المخاطر على شركات التمويل العقاري وعلى المقترضين. أيضاً فإنَّ شمول البنوك في نسبة الـ 15 في المئة التي ستكون بضمانات وزارة المالية يمكن أن تشجع البنوك على المبالغة في الإقراض العقاري دون التحوط للمخاطر في ظل مثل هذه الضمانات. فالتجربة مع البنوك في القروض الشخصية غير مشجعة، فالسماح للبنوك برهن رواتب المقترضين شجع البنوك على توسع خطير جدا في القروض الاستهلاكية في المملكة بحيث تتجاوز الآن قيمتها 340 مليار ريال بعد أن كانت لا تزيد قيمتها على 8 مليارات ريال عام 1998 قبل السماح للبنوك برهن رواتب المقترضين. بالتالي فالبنوك تظهر استعداداً لأخذ مخاطر أكبر عندما تقلل المخاطر عليها وبالتالي يمكن أن تبالغ البنوك في الإقراض العقاري لو قدم لها ضمانات تعادل 85 في المئة من قيمة العقار وبالتالي تتعزز فرص تعرضنا لأزمة رهن عقاري. وفيما يتعلق بزيادة سندات الرهن العقاري فتقييد نسبة الإقراض يعني أن البنوك لن تندفع في الإقراض العقاري وبالتالي إصدار سندات رهن عقاري تبيعها على شركات الرهن العقاري وغيرها من المستثمرين، والذي سيكون متوقعا حدوثه في حال شمول البنوك في رفع نسبالتمويل.
فيما قال الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين: بشكل عام ليس من المصلحة رفع نسبة تمويل المسكن من 70 في المئة إلى 85 في المئة بسبب ارتفاع مخاطر السوق العقارية في الوقت الحالي، حيث تشهد السوق تضخما غير مسبوق وهي اقرب إلى الانهيار منها إلى التصحيح. وبالتالي تكون القروض المرتبطة بالرهن أشبه بالقروض المسمومة التي بنيت على قاعدة هشة، وأعتقد أن «ساما» نجحت في تحصين القطاع المصرفي من التغيير الأخير، وهذا يحسب لها بلا شك؛ فقروض القطاع المصرفي ما هي إلا ودائع المودعين المؤتمنة عليها من خلال إشرافها ورقابتها ومسؤوليتها في حماية النظام المالي من أي هزة عنيفة تنتج لأسباب مرتبطة بانخفاض قيمة الأصول المرهونة. ويجب ان تدار أصول البنوك التجارية وفق سياسة متحفظة جدا لا تسمح بالمغامرة غير المحسوبة أو الاندفاع نحو تحقيق الأرباح الوقتية دون النظر إلى المخاطر المستقبلية.
وأضاف البوعينين: كما أن السماح لشركات التمويل برفع حجم التمويل العقاري إلى ما نسبته 85 في المئة؛ من قيمة المسكن؛ برغم مخاطره؛ قد يكون الحل الوسط الذي يحمي البنوك من جانب؛ ويتوافق مع متطلبات وزارة الإسكان التي تجاهد من أجل توفير منتجات تمويلية لتحفيز الطلب على المساكن اعتقادا منها انه الحل الأمثل لازمة السكن الشائكة.
واعتقد ان «ساما» تعاملت مع شركات التمويل وفق رؤية البنوك الاستثمارية التي تمثل المستثمرين لا المودعين؛ بحيث تتحمل الشركات ومستثمريها جميع المخاطر المتوقعة. وبما انها شركات جديدة فملاءتها المالية تسمح لها بتحمل حجم أكبر من المخاطر.
الأمر الذي يجب ان نشير إليه هو ان تلك الشركات ومستثمريها على علاقة وثيقة بالقطاع المصرفي من حيث التمويل؛ والالتزامات وهذا لن يحمي القطاع المصرفي مستقبلا من أي تعثر يحدث لشركات التمويل.
كما أن النظام المالي متداخل بطريقة لا يمكن فصل انعكاساته السلبية عن قطاعاته المختلفة. لذا فإنَّ الاعتقاد بعدم وجود العلاقة بين القطاع المصرفي وشركات التمويل غير دقيق.
وما زلت أقول ان التورط بالرهن العقاري في مثل هذه الأسعار المتضخمة لأي من قطاعاتنا المالية لا يخلو من المخاطر المرتفعة. لذا يجب على الحكومة ان تنظر بشمولية حين مواجهتها قضية الإسكان وبما يضمن معالجتها بكفاءة دون التسبب في خلق مشكلة أخرى أكثر حدة للقطاع المالي.
وبشكل عام لا اعتقد ان يكون لزيادة حجم التمويل تأثيرا على عمليات الشراء بسبب تضخم الأسعار وبلوغها مستويات تفوق قدرة المواطنين حتى مع القروض العقارية على الشراء. الحل في معالجة تضخم سوق العقار ولا شيء غير ذلك.وقال العقاري ماجد الماجد: لا شك ان كل من يتعامل في الوسط العقاري ابتداء من المستفيدين والممولين والمطورين يعيشون حالة التفاؤل بهذا القرار الإيجابي وتساعد هذه الخطوة في تسريع وتمكين عدد كبير من المواطنين الراغبين في شراء مساكن، بغض النظر عن إمكانية الاستفادة من منتجات الدعم الحكومي، أو الصندوق العقاري، خاصة أن منتج القرض منهما، أصبح أكثر مرونة لتحويله إلى جهة التمويل حال الحصول عليه.
وجاء تفاؤل الشركات العاملة في التمويل العقاري وشركات التطوير العقاري في أعقاب التصريحات التي أطلقها وزير الإسكان، ماجد الحقيل، الأمر الإيجابي هنا أنه سيساهم في إنقاذ السوق العقاري من الركود الذي أصابه خلال السنتين الأخيرتين بسبب فرض دفعة أولى عن التمويل العقاري تعادل 30 في المئة من قيمة العقار والذي تسبب في امتناع المواطنين عن طرق أبواب البنوك وشركات التمويل العقاري للحصول على فرص تمويل شراء مساكنهم.
وتابع: سوف نلاحظ خلال الفترة القادمة ان تخفيض نسبة الدفعة الأولى للتمويل العقاري سيعطي السوق مرونة أكبر في عملية تمويل الأفراد، مما سيساهم في إنعاش القطاع العقاري وزيادة مشروعات شركات التمويل العقاري.وقال مدير تسويق بشركة عقارية علي العلياني إن القرار سينعش الحركة العقارية في الفترة القادمة مع عدة قرارات أخرى مثل القرض المعجل، ويستطيع المواطن الاستفادة منها ليمتلك مسكنه وهذا ما تسعى إليه وزارة الإسكان بأن هدفها تمكين المواطن بالحصول على المسكن بتوجيهات القيادة - حفظهم الله - بتقديم التسهيلات للمواطنين خاصة في امتلاكهم للمساكن المناسبة. وبالطبع ستستفيد شركات الاستثمار والتطوير من هذا القرار وكما ذكرت انه سينعش الحركة العقارية في الفترة القادمة.
وأدعو المطورين العقاريين الى أن يقدّموا منتجات أكثر جودة وبأسعار مناسبة بتخفيض هامش الربح لأن واجبهم أيضاً هو التجانس مع توجهات الدولة بتمكين المواطن من الحصول على المسكن المناسب له. وقال العقاري فيصل الزهراني: القرار حل جيد ومهم لمعالجة الأزمة السكانية الحالية فالتمويل لتملك السكن أمر طبيعي جداً على مستوى العالم. وأضاف: ومشكلة السكن لن تعالجه وزارة الإسكان بحل واحد يحتاج إلى مجموعة حلول.