سمر المقرن
محزن جداً، أن يتحول دور المثقف من شخص يقرأ الأحداث بهدوء، ويحاول أن يكون محايداً في المشاكل السياسية العابرة، إلى شخص مُحرّض، وخصوصاً عندما يكون التحريض على الشعوب التي لا ناقة لها ولا جمل في مشاكل الساسة الكبار. أقول هذا بعد أن قرأت بعض المقالات التي أقحمت الشعب اللبناني في مشكلة لا دخل لهم فيها، فقرارات الحكومة اللبنانية وأفعال حزب الله «النكراء» لم تأتِ بتصويت الشعب، ولم يؤخذ فيها رأيه، فلماذا نريد محاسبة أشخاص والمطالبة بقطع أرزاقهم بسبب مواقف حكوماتهم، والحمد لله أن حكومتنا رشيدة في قراراتها ولا تتأثر بمثل هذه المطالب السخيفة التي تعمل على زيادة الفجوة بين الشعوب، بل وتزيد من حالة الكره والضغينة والتي من المفترض أن يعمل المثقف على ردمها، والتقريب بين الناس وعدم أخذ الشعوب بجريرة حكوماتها.
من المهم أن يكون المثقف صاحب قلم بناء لا قلم هادم، أن يتوازن في غيرته على وطنه ويقدم الحلول بعقلانية لا أن ينجر خلف الأحداث بمطالب تافهة، أن يعمل قلمه بإيجابية لا أن تكون حروفه غارقة بالسلبية، ومواقفه قائمة على التوازن لا على السرعة دون تفكير فيأتي بكلمات بعيدة كل البعد عن العقلانية. أن يظل المثقف «أخلاقياً» حتى في عداواته، لا أن يكون عدائياً ويأخذ قلمه أبعاداً غير إنسانية.
أن يبادر نحو الخير، وباتجاه ردم الصدع لا أن يكون قلمه عاملاً رئيساً في شب فتيل الفتنة!.
بخصوص الشعب اللبناني أنا شخصيًا أحبه كثيرًا، مثل محبتي لبقية الشعوب العربية، وأؤمن برقي هذا الشعب وجماله الذي ينثره في بلادنا وفي كل مكان. ولست أبداً موافقة لمن ينادي بمعاقبته بسبب مواقف حكومته، لكن في الوقت ذاته أشعر أنه من الضروري أن لا ننظر إلى الشعب اللبناني من زاوية واحدة، وأن هناك من لوجوده في بلادنا ضرر مثل المنتمين لحزب الله، وهذه الفئة نحتاج إلى اجتثاثها ليس من السعودية فقط بل من جميع الدول الخليجية، لأن هؤلاء لم يأتوا ليعيشوا بيننا بحثًا عن الرزق بل بحثًا عن الفتنة، ولن يكون ولاؤهم لنا كبلد هي مصدر رزق لهم، بل وجودهم هو لأهداف سياسية بحتة، أكلنا ثمارها المرة وعشنا أوجاعها بعد أن لمسنا بأنفسنا أعمالهم التخريبية وتجنيد الجواسيس والمفسدين لصالح أمهم إيران!.
برغم كل الأحداث السياسية والمواقف اللبنانية الموجعة، يظل الشعب اللبناني من أجمل الشعوب العربية، وهو عنوان الجمال والأناقة التي لا نستغني عنها، وعلينا أن نؤمن بأنه شعب ضحية لحكومة ولحزب إرهابي مسيطر عليها، ويكفي أن نتعاطف معهم بعد أن أصبحت لبنان ساحة صراع لأحداث لا دخل لهم فيها، بل لننظر إلى حتى اللبنانيين المنتمين في توجهاتهم إلى حزب الله على أنهم ضحايا فكر ضال، ها هم أبناؤهم يذهبون كل يوم إلى الموت بسبب هذا الفكر!.
نقد الحالة اللبنانية يحتاج إلى التركيز، لأن معاقبة الشعوب لا يمكن أن تكون حلاً ناجحاً، ولو أتت مثل هذه المطالبات من العامة لهان الأمر، أما أن تأتي ممن يتصدر المشهد الثقافي فهذه طامة!.