سمر المقرن
يحدث أن تشويهًا مقصودًا أو غير مقصود، حصل على المستوى الاجتماعي في توضـيح صورة العلاقة بين الرجل والمرأة، من الناحية الحقوقية. فباتت من تطالب بحقوق وتمكين المرأة تُعتبر لدى -بعضهم- وكأنها في حالة خصومة مع الرجل، أو كأنها تُطالب بإزاحة الرجل على أن تحل مكانه المرأة. والحقيقة هي أن المجتمع يقوم على الجنسين وأن العلاقة بينهما تكاملية، ومن يُفكر بإلغاء الطرف الآخر لديه خلل واضح يستحق المعالجة.
مبادرة صندوق الأمير سلطان لتنمية المرأة التي خرجت تحت عنوان: (لأنك سندي) لديها رؤية واضحة في إظهار الجانب الجميل لهذه العلاقة، وإن كان هناك ما يطفو على السطح من علاقات متوترة، فيجب أن يظهر كذلك الجانب المشرق في هذه العلاقة. وأن الرجل لم ولن يكون خصمًا للمرأة أبدًا، بل إن ما يُقال من أن وراء كل رجل عظم امرأة، فكذلك وراء كل امرأة عظيمة رجل مساند وداعم ومؤمن بدورها الاجتماعي والوطني والتنموي.
الجميل في هذه المبادرة أنها لا تسعى إلى تكريم الرجال الداعمين للمرأة فقط، بل هي تسعى لتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الرجل السعودي، وتنشر ثقافة التكامل بين الطرفين، وأن حصول أي منهم على حق من حقوقه لا يعني إلغاء الطرف الآخر، وبالذات فيما يخص حقوق المرأة التي يعتقد -بعضهم- أن حصولها على حق يعني أخذه من الرجل، أو حصولها على مقعد يعني حرمان رجل منه، وهذه فكرة غير صحيحة أوجدت حالة من التنافر داخل المجتمع، وتحتاج إلى أشخاص لديهم الوعي والوسطية والخطاب المسموع والجماهيرية لتعديل هذه الأفكار حتى ننهض من فوق أرضية صلبة ومتماسكة فيما يخص الخطاب الحقوقي.
صحيح أنه خرجت علينا بعض الأصوات «النشاز» والتي أفسدت كثير من قضايا المرأة، لا من ناحية الحقوق ولا من ناحية المفاهيم وهي مجرد فقاعات لا وزن لها ولا بقاء!، إلا أن النساء المؤمنات بهذه القضية واللاتي تحركهنّ أهداف وطنية وحقوقية ما زلن يقدمنّ أعمالاً رائعة وجليلة وهي الباقية، لأنها تعمل بإيمان وعمق وعلم، ومن هؤلاء، صندوق الأمير سلطان لتنمية المرأة بقيادة الأستاذة هناء الزهير، التي قدمت وفريق عملها عدد كبير من المبادرات التي تخدم المرأة وتدعمها، ومبادرة (لأنك سندي) واحدة من عشرات الأعمال التي تحتاج لدعمنا جميعًا، إضافة لهذه المبادرة أخص بإعجابي مشروع (حاضنات الأعمال) الذي تشرفت بزيارته الأسبوع الفائت، والقائم بمعايير عالية لا من ناحية البناء ولا من ناحية الأهداف، وكلها تعمل على خدمة المرأة وتمكينها إقتصاديًا، وهذا هو الطريق الصحيح نحو حصول المرأة على كافة حقوقها.
أعود إلى (لأنك سندي) لأؤكد على أنها مبادرة تحمل فكرة نبيلة، فيها كثير من الوفاء تجاه الرجل الذي قام بدوره على أكمل وجه في دعم ومؤازرة المرأة، فهذا الرجل ينبغي توثيق دوره، وفي هذا تشجيع لغيره من الرجال، فعلى الأقل من لا يريد أن يدعم المرأة أن لا يقف في طريق تحقيقها لآمالها وطموحاتها، من هنا أدعو كافة النساء إلى التفاعل مع هذه المبادرة وأن تكون وفيّة للرجل الذي ساندها بالمشاركة في موقع الصندوق.. وشكرًا لكل رجل ساند امرأة، وشكرًا لأبي الذي كان وما زال يشجعني ويحفزني على أن أستمر في مشوار النجاح.