د. عبدالعزيز بن عبداللطيف آل الشيخ
الحياة تمر بأسرع مما نتصور ونفقد أحبابا وأصدقاء وأقرباء وزملاء ولا نشعر بفقدهم وقيمتهم إلا بعدما يغادرونا، عندها نحس بقيمتهم ونتأسف على ما بدر منا من تقصير قبل رحيلهم وتمر الأيام والسنون ونتذكرهم ونذكر محاسنهم. العم علي بن عبدالله بن علي بن عبدالعزيز بن محمد بن علي بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب، عاش ما كتب له الله أن يعيش وعمل في وزارة المعارف ما كتب الله له أن يعمل فيها وجاء له من الولد ما قدر له ورباهم وأحسن تربيتهم.
عرفته صريحاً يصدع بالحق عند الصغير والكبير وعند ولاة الأمر، وتقبلنا صراحته وتلقائيته في كثير من الأمور والقضايا منها الخاص ومنها العام، كنت أزوره في منزله أحيانا وفي الأعياد على وجه الخصوص ويجري بيننا مناقشات تتخللها دعابات تضفي على الحديث والحوار مرحا، نختلف حول بعض الأمور ثم نتفق باحترام وبسلاسة في الخروج من بعض شوائك الحوار، وكأنني به -رحمه الله- يقنعني أحيانا بأسلوب مميز فبه من الصرامة وضرب الأمثال إلى أن أستسلم لوجهة نظره وسرعان ما تنفرج أساريره، وينتقل بسلاسة إلى موضوع آخر مبرهنا على مهارته في الحديث ومبتسما ابتسامة المنتصر في معركة حوارية.
بكل تأكيد أبو عبدالرحمن من جيل لم نعرفه معرفة جيدة ولم نعطه ما يستحق من تقدير، جيل فيه من الإيجابيات الشيء الكثير وإنني لأحزن حينما أسمع ألفاظاً تجاه ذلكم الجيل مثل «دقة قديمة» ذلكم الجيل كان فيه الصراحة والصرامة والتلقائية وحسن النوايا وثاقب الرأي والأناة، وإنني لأعجب من التسرع في الحكم على ذلكم الجيل بمعايير العصر الذي نعيشه على ما في عصرنا من السلبيات. لماذا لا ندرك الرسالة التي حاولوا أن يقدموها للجيل المعاصر، رسالة تؤكد على دور الآباء المؤسسين والمرسخين للمبادئ والقيم التي بدأ الجيل المعاصر في البعد عنها والتقليل من أهميتها، رحمك الله يا أبا عبدالرحمن وأسكنك فسبح جناته وبارك الله في عقبك وأعاننا على فهم الرسائل التي كنت تحاول إرسالها للجيل الجديد ولشباب هذه الأمة.