د. عبدالعزيز بن عبداللطيف آل الشيخ
قليل هم الرجال الذين جمعوا بين مزايا ومحاسن شخصية وتركوا آثارا وبصمات ثقافية وأدبية وعلمية، التي ستظل باقية لأجيال وأجيال، د. راشد بن عبدالعزيز المبارك سليل أسرة مباركة، أسرة علم وأدب وفضل، وهناك علاقة وصلة بين أسرتي وأسرته وبيني وبينه قاسم مشترك يتمثل في الزمالة الأكاديمية والمشاركة معه في هيئة استشارية لوزير التعليم العالي الشيخ حسن بن عبدالله آلِ الشيخ، رحمه الله، كان، الدكتور راشد، رحمه الله، عضوا مميزا فيها، وكان معنا إخوة أفاضل: د. محمد محمود سفر، د عبدالله العثيمين، د. أسامة عبدالرحمن، رحمه الله، د. محمد الأحمد الرشيد، رحمه الله.
ولن أستطيع إنصافه في مقالي هذا، إنه بحق فقيد الثقافة والفكر والعلم ورمز من رموزها. ترك لنا تراثا علميا وأدبيا وسجلا حافلا من المحاضرات واللقاءات في أحديته، أو صالونه الأدبي العلمي الثقافي الذي بدأه عام 1981، وشملت مؤلفاته: «هذا الكون ماذا نعرف عنه»، و»كيمياء الكم»، و»قراءة في دفاتر مهجورة»، و»شموخ الفلسفة» و»تهافت الفلاسفة»، و»فلسفة الكراهية»، و»شعر نزار بين احتباسين»، و»التطرف خبز عالمي»، و»ديوان رسالة إلى ولادة»، للدكتور راشد المبارك منهجية علمية تجمع بين الأصالة والمعاصرة، يستقرئ مايدرس ثم يخضعه للتحليل والتعليل والاستنتاج، منطقي في طرحه متأن في أسلوبه، شيق في طريقة عرضه وسرده، ارجع الى واحد من أحاديثه في أحديته عن «النظرية النسبية» لتدرك أسلوبه الآخذ بلباب القلوب، إعجازية العالم في تبسيطه للموضوع الذي يطرحه، ولكأننا بالمتلقي يقول: «هذا أمر سهل»، نعم أسلوب الراشد من السهل الممتنع والممتع في الوقت ذاته، إذ إن العالم في نظري «هو من يبسط العلم لمن تعسر عليه». وهذا الأسلوب هو الذي أكسبه مكانة مرموقة في اللجان الأكاديمية الهادفة الى تبسيط الثقافة العلمية ونشرها بين أوساط المجتمع.
وأحدية المبارك التي آمل أن تستمر بحول الله حتى بعد وفاته، من الصعب علي أن أتكلم عنها في مقال محدود الحيز كهذا، إلا ان الكثير ممن أشادوا بها اعتبروها في مصاف الصوالين التي يشار لها بالبنان، أو كما نعتها الزميل الدكتور عبدالرحمن الشبيلي «ببلاط العلماء» وهي بحق كذلك. وأول أحدية حضرتها في حي عليشة وكان- رحمه الله- يسكن ليس بعيدا عن بيت والدي، رحمه الله، وجاراً لعمي الشيخ عبدالملك بن عمر، رحمه الله، ثم حضرت أحديات اخرى، مشاركا في واحدة منها: أحدية تشع ضياء وتألقا بالعلم والآداب ليس فيها تملق، رصينة الطرح وثابة الخطى قادها راشد بكل عزم وتقى. رحم الله أبا بسام رحمة واسعة وموتانا وموتى المسلمين أجمعين.
- د. عبدالعزيز بن عبداللطيف آل الشيخ