د. أبو أوس إبراهيم الشمسان
سعدت بالمشاركة في هذا المؤتمر الذي نظمته كلية اللغة العربية والدراسات الاجتماعية في جامعة القصيم يوم 23-5-1437هـ الموافق 3-3-2016م, وكان هذا المؤتمر مثار إعجاب المشاركين من دول العالم العربي والإسلامي، بتنظيمه باقتدار القائمين عليه أن يجعلوه في يوم واحد باختصار افتتاحه، بتجنب تلاوة سير المشاركين، بتقليل وقت المشاركة للباحث أو المداخل والسائل، لا تحس فرقًا بين العميد د.علي السعود أو رئيس قسم اللغة العربية د.إبراهيم اللاحم أو د.محمد الخزيم أو المحاضر معاذ الدخيل أو أساتذة وطلاب آخرين، كلهم كانوا يدًا واحدة يتحركون كخلية نحل، نصب أعينهم الإنتاج والإنجاح.
طبعت أعمال المؤتمر في مجلد كبير وزع على المشاركين مع شهادات المشاركة وشهادات الحضور، ودارت تلك الأعمال في ثلاثة محاور، أولها قضايا المصطلح، وثانيها قضايا المنهج، وآخرها اللغة العربية والاختصاصات المتعددة.
تناولت المصطلح ثمانية أبحاث أولها (المصطلح اللساني بين تعدد الوضع وإمكان التوحيد) لنور الدين دريم من جامعة الشلف بالجزائر، وفيه بيان لما نال المصطلح الصوتي مثلًا من تعدد صياغته عند تعريب المصطلحات الغربية واختلاطها بمصطلحات تراثية، وسعى البحث إلى تفعيل آليات توحيد المصطلحات التي نودي بها في مؤتمرات وندوات سابقة لما لذلك من أثر في تجويد البحث الصوتي. وأما البحث الثاني فهو (إشكالية المصطلح بين إلزامية النسق وواقع الاستعمال) لمختار لزعر من جامعة مستغانم الجزائرية، ويعمل في جامعة القصيم، والبحث مداخلة «تحاول بالقدر المستطاع أن تتوقف عند إشكالية المصطلح من جهة التصور والمنهج والوظيفة ثم بعدها الإشارة إلى ما تستلزمه طبيعة الاستعمال الشمولي لواقع المصطلح اللساني، سواء على سبيل التحديد أو الوظيفة ثم بعدها الإشارة إلى ما تستلزمه طبيعة الاستعمال الشمولي لواقع المصطلح اللساني، سواء على التحديد أو الوظيفة بله المنهج». وأما البحث الثالث فهو (التعدد المصطلحي وأثره في استيعاب علوم اللغة العربية في مراحل التعليم الجامعي) كتبه بوعلام طهراوي من الجزائر و»في هذا البحث ذكر لعينات من التعدد المصطلحي والصناعة المصطلحية، وهي وإن كانت ثمرة اجتهادات شخصية إثرائية، فإنها في صورتها المعزولة عن العمل المؤسساتي ستفضي لا محالة إلى الاضطراب في العملية التعلّمية والتعليمية». والبحث الرابع (التركيب وأهميته اللسانية بين القدماء والمحدثين) لعبدالقادر سلّامي، من جامعة تلمسان الجزائرية، والبحث في التركيب مداخلة تسعى «إلى تتبع معناه واستعماله عند النحاة واللغويين القدامى واللسانيين المحدثين، مستفسرة عمّا إذا كان المستوى التركيبي هو المستوى النحوي نفسه؟ مدلّلة على مراميه اللغوية والاصطلاحية، وأهميته اللسانية». وأما البحث الخامس فهو (إشكالات المصطلح النحوي في المقررات الجامعية وعلاجها) لسعد بن عبدالله المحمود من جامعة المجمعة، وبين البحث أثر تعدد صياغة المصطلح على تلقي الطالب الجامعي، وحاول حلها حلّا ناجعًا تيسيرًا لتعلم النحو، ويتلخص الحل بسعي المهتمين إلى توحيد الاصطلاح ثم كتابة دروس تعليمية معتمدة على تلك المصطلحات الموحدة، وهو حلّ مثالي لولا خشية قطيعة بين المتعلمين وتراثهم الثري الذي لا غنى للمتخصصين عن معرفة دقائقه وإن كان عامة المتعلمين لا يضيرهم تجاوزه. وكان البحث السادس عن (الأسس النظرية للمصطلحالنحوي في التراث) لمحمد محمود أحمد محجوب من جامعة نواكشوط الموريتانية، بيّن تلك الأسس كما ظهرت في أصول ابن السراج، حدد مفهوم المصطلح النحوي ورصد ظروف نشأته وتطوره، وبين الأسس المهمة التي أولها الناسيّة أي «تسمية المصطلحات النحوية بأسماء ... يعبر بها عن المعاني المرتبطة بحياة الناس»، وثانيها النسقية أي «انتظام المصطلح النحوي في شبكة من العلاقات المعقدة التي تمثل في مجموعها نسقًا متكاملًا. وثالثها الموقعية التي «تشير إلى أهمية المكان في المصطلح النحوي استجابة لمقتضيات (العامل) وطبيعة الكلام الخطّية»، ورابعها الحركية وفيها «تجلّى ما للحركة والانتقال من دور رئيس في المصطلح النحوي في تكامل بيّنٍ مع (الموقعية)». وعالج البحث السابع (النحو العربي بين مفهوم نحو النّص ونحو الجملة) لعبدالعزيز بن عبدالرحمن الخثلان من جامعة الملك فيصل، وأكد الباحث في بحثه أن النحو العربي ليس نحو جملة ولا نحو نصّ؛ لأن نحو الجملة «يهدف إلى تحليل الجملة وتفكيكها إلى مكوناتها الأصلية، ورصد ما أصابها من حذف أو تقديم وتأخير، وغيره من قضاياه». وهو أيضًا ليس نحو نصّ؛ «لأن نحو النصّ يدرس تحليل النَّص والوقوف على مدى نصِّيَّته»، ورأى الباحث أن «الأولى أن يبقى مسمى قواعد اللغة العربية (النحو) دون تقييده بجملة أو نصّ؛ لئلا يلتبس معهما في الدرس الحديث. لأن النحو العربي
يعنى ببناء الكلام، وأنَّ قواعده وقوانينه تبين كيفية إنشاء الكلام (النص)، فلا يصح أن نطلق عليه نحو جملة ولا نحو نصّ». وأحسب ما ذهب إليه الباحث متوقف فيه؛ فالنحو العربي نحو نصّ إن عالجت به نصًّا كاملًا فبينت وسائل ترابطه وطرائق إحالاته، وهو نحو جملة إن توقفت عند أجزاء النص بما فيها من جمل فتأملت ما فيها من ضروب التصرف المختلفة المعبرة عن أغراض المستعملين، ولعل من سماه نحو جملة نظر إلى اجتزاء النحويين ببعض أجزاء الكلام للتركيز على الظاهرة موضوع البحث أو موضوع التعليم، وهذا أمر معهود في نحو كلِّ اللغات، ولعل من الخير التفريق بين استعمال النحو في تعليم اللغة واستعماله في تحليل اللغة، وهو بهذا نحو جملة ونحو نصّ. وآخر أبحاث محور المصطلح وهو البحث الثامن (التلقي والمتلقي بين بوادر الاصطلاح وواقعية الإجراء في منهج عبدالقاهر الجرجاني البلاغي) لطاطة بن قرماز من الجزائر، بين الباحث فيه أن «تناول عبدالقاهر الجرجاني لفاعلية التلقي من مقومات وآليات ومراحل» فالقارئ الحاذق بذلك «يكون قد امتلك زمام السبق والريادة في الكشف عن مقتضيات التلقي والتواصل التي تسهم في تدعيم وتفعيل نشاط القارئ وتقحمه لينقضّ على مزايا الخطاب الأسلوبية؛ إذ أضحى المتلقي من وجهة عبدالقاهر الجرجاني الأسلوبية وفق هذا السلوك الإبداعي مشاركًا فعالًا في تناتج حياة الخطاب».
وأما المحور الثاني وهو قضايا المنهج فجاء فيها تسعة بحوث، أولها (اللغة العربية في الجامعات الموريتانية: إرث الماضي وأسئلة المستقبل) لولد متالي لمرابط أحمد محمدو، بيّن فيه جهود تلك الجامعات في مكافحة سيطرة اللغة الفرنسية، وهي جهود يرى الباحث حاجتها إلى تناول من منطلقات معرفية عدة، وبين البحث الأطر المنهجية التي تدرس بها العربية في تلك الجامعات ومدى نجاعة النماذج المقترحة لتطوير تعليم العربية الناطقين بغيرها، وكذلك علاقة العربية باللهجات المحلية واللغة الفرنسية. وأما البحث الثاني فعن (أثر المنهج التاريخي في دراسة الأدب العربي وتدريسه بالجامعات) لعبدالقادر الحسّون من جامعة الملك فيصل في الأحساء، قال فيه الباحث «حقق المنهج التاريخي للنقد العربي المعاصر تطورًا لا بأس به تجلّت نتائجه خاصّة في تحقيق النصوص التراثية تحقيقا علميا وتنزيلها في سياقاتها التاريخية؛ ولكن ذلك لم يمنع، في الوقت نفسه، من تكريس رؤية نقدية سطحية ومدرسية أدّت إلى تجميد الخطاب النقدي ومنعه من التطور». بقي أن ندرك أنّ دراسة الأدب وفاق المنهج التاريخي أمر يختلف عن التأريخ للأدب بصفته تحقيبًا له على نحو كتابات شوقي ضيف؛ إذ المنهج التاريخي هو استثمار للوقائع التاريخية في تفسير الأدب. والبحث الثالث عن (الخلل في استعمال المنهج الوصفي) كتبه أبو أوس إبراهيم الشمسان، وهو مجموعة من الوقفات عند نقد فوزي الشايب للصرف العربي، تحدث فيه الباحث عن المنهج الوصفي وأهميته وعلاقته بالنحو العربي وكانت وقفته الأولى عند كلام الشايب عن مشكلة الدرس الصرفي عند القدماء، والثانية عن ترتيب الدرس اللغوي، والوقفة الثالثة عن اتهام الصرفيين بالمعيارية، والرابعة عن دعوته إلى معاودة النظر في الدرس الصرفي، والخامسة نسبته إلى كثير من المحدثين عيبهم الصرف العربي بالمعيارية، والسادسة إبداؤه حسن النية، والسابعة زعمه خلطهم بين الصحيح والمعتل، والثامنة كلامه عن وزن الأفعال من الأجوف، والتاسعة كلامه عن اسم الفاعل من الأجوف، والعاشرة كلامه عن اشتقاق اسم الفاعل من الأجوف، والحادية عشرة كلامه عن اشتقاق اسم الفاعل من الناقص، والثانية عشرة كلامه عن اسم المفعول من الأجوف، والثالثة عشرة كلامه عن اشتقاق اسم المفعول من الناقص، والرابعة عشرة كلامه عن تثنية المقصور والمنقوص، والخامسة عشرة كلامه عن النسب إلى المقصور والمنقوص، والسادسة عشرة كلامه عن تثنية المدود وجمعه والنسب إليه. وقد تبينت معاندة معالجة الشايب في كل ذلك للمنهج الوصفي. وأما البحث الرابع فهو (ما لا يلزم تعليمه لمتعلم النحو العربي) لإبراهيم بن سليمان بن إبراهيم المطرودي من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، وهو بحث يعيد الذهن إلى بحث سابق هو (النحو نوعان: واحد ندرسه ولا نحتاجه، وآخر نحتاجه ولا ندرسه) قدمه السعيد محمد بدوي في مؤتمر (تعليم اللغة العربية في المستوى الجامعي) جامعة الإمارات العربية المتحدة/ العين، 21- 18 إبريل، 1992م. وكذلك عالج المطرودي في بحثه طائفة من القواعد النحوية التي ما عادت الفصيحة المعاصرة تستعملها، وليس لها وجود سوى في كتب النحو التي توارثتها وهي منتزعة من استعمالات قديمة، ويرى أن الاستمرار في تعلمها فيه عنت على المتعلمين، ودعا في نهاية بحثه إلى مراجعة النظرية التي قام عليها برنامج تعليم العربية، وكذلك أهداف ذلك التعليم، ودعا للتفريق بين تحصيل مهارات اللغة وتحصيل المعرفة النحوية، ودعا إلى الكشف عن نظام العربية المعاصرة وموازنته بنظام اللغة القديمة كما وضعه النحويون، وأرى الباحث محقًّا في دعوته فترديد النحو المالكي بتفاصيله لن يفيد إفادة ناجعة المتعلمين النحو بله المتعلمين مهارات اللغة نفسها. وعالج البحث الخامس (أثر تطوير منهجية تدريس النحو في اكتساب السليقة اللغوية العربية) لإبراهيم نادن من جامعة القاضي عياض المغربية، والبحث يشير إلى أن نشأة النحو العربي كانت للمحافظة على السليقة اللغوية ولكن ضعف السليقة داع إلى بحث علله وهل الاكتفاء بالنحو التراثي محقق للحفاظ على السليقة وهل الاطلاع على مستجدات الدرس اللغوي المعاصر يمكن أن يرشدنا لاستعادة السليقة، والبحث دعوة لمواصلة الاهتمام بالموروث مع تحديث منهجه. والبحث السادس هو (البلاغة العربية في التعليم الجامعي من التدريس المعياري إلى التدريس الوظيفي) لسعيد العوادي من جامعة القاضي عياض المغربية، وهو رصد لتراجع منزلة البلاغة ووصف تدريسها بالمعيارية في منطلقاتها وإجراءاتها ومخرجاتها، واقترح ما يمكن أن يخرج درسها من مأزقه وهو الوظيفية التي تخرجه من شرنقة المصطلح والتصنيف والتعليق المكرور على الشواهد والعمل على تجديد القراءة وإعادة الاعتبار إلى العقل البلاغي وربطها بهدفها الأكبر وهو تحليل النصوص والخطابات. وأما البحث السابع فهو (الإقناع بين الشعر والخطابة في التراث النقدي والبلاغيلأحمد قادم من مراكش، وهو درس «يرصد طبيعة التداخل الإقناعي بين الشعر والخطابة في التراث النقدي والبلاغي»، ويستفيد البحث من أن في الفنين مراوحة بين المعاني الشعرية والمعاني الخطابية، فالشعر ذو رسالة تتعدى لغته جمالياتها بأن تكون إبداعًا حجاجيًّا، والخطابة بسعيها للإقناع لا تلغي جماليات تعبيراتها التواصلية؛ لما لذلك من تأثير على عواطف الناس المنقادة للتخييل. والبحث محاولة للكشف عن رؤية نقدية بلاغية تتعامل مع التداخل العملي بين الإقناع والإمتاع، ثم السعي لبناء تصور يساعد على استثمار النظرية الحجاجية في قراءة النصوص الشعرية أو الخطابية من غير إخلال بخصوصيات الأجناس الأدبية. والبحث الثامن عن (المنهج الحجاجي وخطاب التحكيم الشعري) لإبراهيم عبدالعزيز زيد من مصر وهو أستاذ في جامعة القصيم، وهو دراسة لعينية الصلتان العبدي «وتسعى هذه الدراسة إلى الكشف عن آليات الحجاج في هذا النص، مبينة المفهوم الإجرائي الذي تتبناه الدراسة للحجاج، وتبيان هذه الظاهرة الشعرية». وآخر أبحاث هذا المحور (المنهج بين النحو العربي واللسانيات الحديثة: المنظور المعرفي) للباحث الجزائري بلقاسم محمد حمام من جامعة الملك فيصل من الأحساء، ويذهب الباحث إلى تميز العقلية العربية الإسلامية بأسس أهمها اللغة ويفسر بذلك سرعة اكتمال منهج الدراسات اللغوية ونضجه في وقت مبكر وهو ما ضمن ثباته وصموده في وجه التشويه حتى جاءت اللسانيات الغربية فطرحت نفسها بما تفتخر به وهو المنهج الذي تفتقر إليه الدراسات القديمة ثم انتقل موقفها هذا إلى الساحة العربية فوجه الدارسون سهامهم إلى المنهج اللغوي وخاصة النحوي مغفلين الفروق الجوهرية بين العربية وغيرها معرفيًّا وإجرائيًّا، بل مغفلين الخصوصيات الإبستمولوجية للفكر العربي الإسلامي.
وبلغت أبحاث المحور الثالث (اللغة العربية والاختصاصات المتعددة) ستة أبحاث، كان أولها (مقررات اللغة العربية في التعليم الجامعي بين تواصل العلوم والإفادة من إنجازات العصر) لمنير البصكري من جامعة القاضي عياض المغربية، والبحث سعي لتحبيب العلوم للطلاب وخدمة العلم بتطويره وبلورته مضمونًا ومنهجًا بما يعزز روح المبادرة عند الطالب، وقدرته الإنتاجية وتقوية ملكته الاجتهادية، وغرس القيم الدينية والأخلاقية والوطنية مع اكتساب ما يلزم من مهارات تدعم التكوين المعرفي والعلمي والثقافي والحضاري، ومن هنا لابد من مراعاة أهداف التعليم وترجمتها في إجراءات وثيقة الصلة بالجوانب المعرفية والعقلية والوجدانية والمهارية على نحو يجسدها أداء الطالب، ومن هنا لابد أن تتناسب المقررات التعليمية مع أهداف التعليم. وأما البحث الثاني فهو (أثر تعدد التخصصات وتكاملها في تعليمية اللغة العربية ونجاعتها) لمجاهد ميمون من جامعة سعيدة في الجزائر، وهو دعوة للاستفادة من التخصصات المختلفة للبحث في تعليمية اللغة العربية ومن هذه التخصصات اللسانيات البنيوية واللسانيات التطبيقية وعلوم التربية وسيكولوجيا التعلم واللسانيات النفسية واللسانيات الاجتماعية، لأن هذه التخصصات لها أثر في تقريب فهم طبيعة الظاهرة اللغوية. وجاء البحث الثالث عن (النقد الثقافي عبور التخصصات وصناعة الناقد الموسوعي) للباحثة السعودية أميرة بنت سليمان القفاري، وهو بحث يتعدى التعريف بالنقد الثقافي إلى الكشف عن مآلاته في منبته الغربي والعربي بعد كسره الحواجز بين التخصصات، وهذا البحث اختبار لمخرجات هذا النقد والخلوص إلى أنه ألف بين الأدب والنقد وتخصصات أخرى وأنتج مؤلفات موجهة للمتخصص وغير المتخصص، وهو ما صنع ناقدًا موسوعيًّا؛ ولكنه قد يفتقر إلى التوثيق لبسطه رأيه على ثقافة أوسع منه. وأما البحث الرابع فهو (اكتساب اللغة العربية من البيئة الاصطناعية) لأوريل بحر الدين من جامعة مولانا مالك إبراهيم الإسلامية الحكومية في مالانق الإندونيسية، وبحثه دراسة لحالة تعليم العربية في جامعته التي سعت فيه إلى خلق بيئة اصطناعية تمارس فيها اللغة العربية قوامها السكن الداخلي مع أساتذة يتحدثون العربية مع أنشطة دينية وثقافية ورياضية بالعربية مع وجود جامع تلقى فيه الخطبة بالعربية، ويستفاد من المؤتمرات السنوية التي يشارك فيها علماء من البلاد العربية، ووصف الباحث كيف أن الطلاب يفهمن ما يسمعونه بيسر وسهولة، وكان الباحث هو نفسه مثار إعجاب المنتدين بما هو عليه من إتقان للعربية وسلامة لغوية ووضوح مخارج وحسن بيان. وأما البحث الخامس فهو عن (الأخطاء اللغوية لدى متعلمي اللغة العربية الناطقين بلغات أخرى) لعلاء رمضان عبدالكريم أحمد من جامعة القصيم، وهو درس لأخطاء المتعلمين في جامعة القصيم بتحليلها وتفسيرها ومحاولة علاجها، ووصلت الدراسة إلى جملة من التوصيات المفيدة، منها التركيز على مهارات لا يستغرقها المقرر الدراسي ولكن تحليل الأخطاء يبينها. وآخر أبحاث هذا المحور عن (الحاسوب وخدمة الدراسات اللغوية) لعبدالحليم محمود أحمد أبوشوشة، ويعالج البحث أهمية الفهرسة الآلية بما هي «مرحلة من مراحل تحليل النصوص واسترجاع المعلومات التي يمكن الاستناد إليها في كثير من مراحل المعالجة الآلية للغة العربية على اختلاف مستوياتها».
هذه جملة من البحوث في مؤتمر واحد زويت في يوم واحد وهو كغيره من المؤتمرات والندوات يضم جهودًا جليلة وأفكارًا جيدة؛ ولكنها لا تغادر دفتي كتاب المؤتمر، فالإصلاح لا يكون بهذه المؤتمرات وحدها بل بالسياسة اللغوية التي يقف وراءها ذوو الحل والعقد، وهو بتوطين التقنية وتعريب التعليم وإدارة الأعمال، والسعي الجاد للتقريب بين الفصيحة ولغة الشارع.