مرت أشهر عديدة منذ أن أعلنت عدن عاصمة مؤقتة وبعض المحافظات الجنوبية محافظات محررة من المليشيات الانقلابية وقوات الرئيس المخلوع وعودة الحكومة لممارسة مهامها من على الأرض وهو ما يعني استعادة الشرعية لعافيتها تدريجيا بعد أن راهن المخلوع وأنصاره والمليشيات الانقلابية بأن الرئيس هادي وحكومته لن يعودوا أبدا وتكرر ذلك في خطاب المخلوع صالح حين قال ساخرا إنه يرحب بعودة هادي وسيكون في استقباله في عدن وهو تحد واضح وصريح لإرادة الشعب اليمني الذي خرج في ساحات اليمن رافضا للمشروع الانقلابي ومواجهته فما كان من الرئيس هادي إلا أن أعلن عودته في نفس التاريخ الذي أعلن فيه الانقلابين ما يسمونه بثورة 21 سبتمبر التي مثلت في حقيقة الأمر عودة للمشروع الإمامي السلالي وامتدادا للمشروع الإيراني التوسعي في المنطقة العربية وهو ما جعل الانقلابين يتلقون الصفعة تلو الأخرى.
لكن إذا ما نظرنا إلى التحديات الأمنية التي واجهت السلطات الشرعية أثناء عودتها وهو ما جعل من العاصمة عدن مركز لعمليات إرهابية ومسلسل اغتيالات لبعض قيادات المقاومة الجنوبية وأهم الشخصيات المؤثرة في المشهد السياسي كان أبرزها اغتيال محافظ محافظة عدن اللواء جعفر صالح وأخرها شيخ الدين السلفي العدني في محافظة لحج وصولا إلى جريمة اقتحام دار المسنين والعجزة وقتل 17 من نزلائه في عملية إرهابية كبيرة أعادت إلى الأذهان حادث مستشفى العرضي في العاصمة السابقة صنعاء هو ما يجعلنا نطرح التساؤلات تلو الأخرى عن غياب الاستراتيجية الأمنية الواضحة لدى الحكومة الشرعية وضرورة إعادة النظر في السياسة الأمنية للمناطق المحررة وفق رؤية وآلية صارمة تتمثل في بناء جهاز استخباراتي داعم للشرعية وإسهام التحالف العربي في ذلك وفق أعلى المستويات خصوصا في ظل بقاء منظومة الأمن القومي السابقة تحت سيطرة المخلوع ومليشيات الحوثي وهو ما يسهم في شكل كبير في زعزعة الأمن والاستقرار داخل العاصمة عدن والمناطق المحررة تارة من خلال مسلسل الاغتيالات أو التفجيرات والعمليات النوعية لاستهداف أماكن تواجد القيادات الشرعية وهو ما صار اليوم ضرورة ملحة لاستكمال تأمين المناطق المحررة والبدء في تثبيت دعائم الأمن والاستقرار فيها من خلال إعادة منظومة الأمن والخدمات الصحية والتعليمية والخدمات الأساسية كالماء والكهرباء بما يعزز لدى المواطن قناعة الثقة بعودة الشرعية واستعادة مشروع الدولة ومنظومتها من يد الانقلابيين وهو ما سيسهم أيضا في خلق حركة رفض للمليشيات الانقلابية في المناطق التي يسيطرون عليها في ظل غياب الخدمات ومشروع الجبايات التي يقوم بها الانقلابيين وأثقلت كاهل المواطن في المناطق التي يسيطرون عليها.
على الجانب الآخر لا ننسى التطرق إلى منظومة شبكات الاتصالات سواء في القطاع الحكومي أو الخاص التي صارت سلاحا فعالا في أيدي الانقلابيين في مراقبة تحركات السلطات الشرعية في المناطق المحررة وتنفيذ عمليات التصفيات الجسدية لرموزها وتبني العمليات الإرهابية وهو ما يستدعي ضرورة إعادة النظر في كيفية التعامل مع هذا الأمر بشكل جدي سواء من خلال استعادة سيطرة الشرعية على منظومة الاتصالات وإعادة التواصل مع الشركات العاملة في اليمن لنقل سيرفرات التشغيل الخاصة بها إلى العاصمة عدن أو فتح المجال لشركات اتصالات جديدة للاستثمار في المناطق المحررة وفقا للمرحلة الحالية ومنحها الامتيازات في مرحلة ما بعد التحرير الكامل.
- وضاح اليمن عبدالقادر
Yaljazeera@gmail.com