ناهد باشطح
فاصلة:
((هناك نساء يعبرن الحياة مثل نسمة الربيع التي تنعش كل شيء في طريقها))
- حكمة عالمية -
لم تكن بالنسبة لي رحلة عادية تلك التي دُعيت إليها من قِبل الدكتور عثمان المنيع، المدير التنفيذي في لجنة التنمية الاجتماعية بالقصب وعضو المجلس البلدي فيها، لحضور مهرجان الأُسر المنتجة السادس بالقصب، الذي رعته حرم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز آل سعود الأميرة نورة بنت محمد بن سعود آل سعود، حرم أمير منطقة الرياض، السبب الأول إنني كنت في غربة طويلة خارج المملكة وكانت عيناي بحاجة إلى احتضان صور من المدن القديمة حيث العراقة والطيبة والبساطة.
أما السبب الثاني فهو معرفتي منذ سنوات طويلة بجهود سمو الأميرة نورة في الاهتمام ودعم جهود المرأة في تنمية المجتمع، منذ أن كانت داعمة للنساء في عسير ثم في القصيم والآن في الرياض. هي في كل محطات عملها الاجتماعي تساهم في تمكين النساء وهي شعلة من النشاط والأفكار المتجددة.
ولذلك لم أتفاجأ حين أعلنت أنها وسيدات من الرياض متطوعات، يعملن بعد الموافقة من قِبل أمارة الرياض على تأسيس لجنة نسائية للعمل باتجاه تطوير تنمية المجتمع في المحافظات التابعة لمدينة الرياض، وهي فكرة بلا شك ذكية ومساندة للمحافظات التي تحتاج المرأة فيها والأسرة بشكل عام إلى الدعم والتنمية الاجتماعية.
عنوان مهرجان القصب «كسبي من عمل يدي «وهو يضم حوالي 80 أسرة تقدم إنتاجها في المهرجان، وهو منتج يحتاج إلى دعم حتى يتشكل ضمن إطار متطور وفق مواصفات رغبات المستهلك، خاصة وأن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يدعم هذا التوجه، فقد نص قرار مجلس الوزراء في 13 فبراير 2016، على أن يخصص البنك السعودي للتسليف والادخار مبلغ (2 مليار ريال) لدعم المشروعات الصغيرة للأسر المحتاجة، ومليار و500 مليون ريال لمشاريع الأسر المنتجة لمساعدتها في اقتناء أدواتها ومعداتها.
وقد دعمت وزارة الشؤون الاجتماعية 12 ألف أسرة منتجة عام 2015. الأسر المنتجة مشروع لا يعود بفائدته على المرأة فقط حيث يبث فيها روح الاستقلالية والعمل الذاتي، بل هو يدفع بالمجتمع نحو صون الصناعات التقليدية وتطويرها.
رحلة القصب التي كانت برفقة نخبة من زميلاتي الإعلاميات ونساء القصب المميزات في كل مجال، من أستاذات الجامعات لعضوية الشورى، حوى برنامجها زيارات مختلفة كزيارة مصنع زاد الملح وزيارة مقر عرض الأسر المنتجة لمنتوجاتها ضمن المهرجان، وهناك أيضاً محطات تعريفية جميلة ببعض أهل القصب من شعراء كالراحل الشاعر إبراهيم الحميضي.
أكثر ما لفت نظري كان نساء القصب ليس لأني امرأة أعتد بدور المرأة في المجتمع، ولكن لأنهن جمعن بين الأصالة والتطوير، بدءاً من اهتمامهن في عرض منتوجاتهن بالإعلان عنها، أو الاستفادة منها عبر وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، ومروراً بسوق العبيلي الشعبي حيث حرف النساء التقليدية، وانتهاءً ببيت الزاحم وصور جمال الأمس وعبق روحه. في القصب حكايات جميلة قرأتها في عيون النساء اللواتي يلتقين بحميمية في الخيمة، وفي لعب الأطفال البسيطة التي افتقدها صغارنا في المدينة الصاخبة. شكراُ للدكتور عثمان المنيع وزوجته وكريمته وللعزيزة شقيقته الزميلة د. هيا المنيع كانت القصب بحق لوحة جمال لا تنسى.