د. أحمد الفراج
إن أسوأ ما يعانيه الإنسان، أي إنسان، هي أن لا يبادله المعشوق حبا بحب، وهذا ينطبق على من يطلق عليهم في الحراك الاجتماعي المحلي لقب « حريم السلطان» ، وتتفق الروايات على أن زميلنا الإعلامي، عبدالعزيز الخميس، هو صاحب هذه التسمية، ولمن لا يتابع بدقة، فهؤلاء هم الحزبيون المحليون، الذين لا يروق لهم شيئا مما تفعله المملكة العربية السعودية، وهي الدولة التي يسميها متطرفيهم، من أنصار القاعدة وداعش، بجزيرة العرب، أما المتلونون منهم، فهم أخف كرها لهذا البلد، ولذا فهم يطلقون على المملكة مسمى « بلاد الحرمين»، وكل هذا تهربا من تسمية الأشياء بمسمياتها، وللحزبيين علامات لا تخفى، منها أنهم لا يمكن أن يشجبوا عملا إرهابيا داخل الوطن، ومنها أنهم لا يمكن أن يغردوا، في حساباتهم التويترية المليونية، عن المطلوبين أمنيا، بل إن أحدهم غرد قبل فترة من استشهاد رجل الأمن الرشيدي، وأورد من التراث ما يجيز الاعتداء على « النمامين» ، ونعلم جميعا من يقصد بذلك، وهو لا يزال بمنزله، وبخير ولله والحمد.
هؤلاء الحزبيون المحليون يهيمون عشقا بزعيم إقليمي، لدرجة أن أحدهم قال إن «الحرب على هذا الزعيم هي حرب على الإسلام» !!، ولكن هذا الزعيم لا يبادلهم ذات العشق، لأنه يحب وطنه، وليس مثلهم يعادي وطنه لأجل نصرة تنظيم دولي، وهذه تسبب لهم الكثير من الإحراج، فمرة بالغوا في مدحه، ثم بعدها بأيام، صرح بأنه يسعى لتوطيد علاقات بلاده مع إسرائيل، فتورطوا في خلق الأعذار له، لدرجة أن التراث لم يسعفهم في إيجاد الأدلة التي تحث على التقارب مع العدو، وبعدها، وفي عز توتر علاقتنا مع حزب الله، وداعمه الرئيس، إيران، استقصد هذا الزعيم تكريس التقارب معها، ومرة أخرى، أحرج عشاقه الحزبيين المحليين، فمنهم من قال بأن هذا من تعقيدات السياسة التي يصعب فهمهما ، ومنهم من أغمض عينيه، ولكنهم لا يمكن أبدا أن ينتقدوه، مع أنهم يبحثون تحت المجهر عن أي زلة محلية، لينفخوا فيها، ويضخموها، ويثيروا الشغب حولها، وما إثارتهم لحرب مفتوحة على إعلامنا الوطني عنا ببعيد.
أتعجب أحيانا من قساوة قلب ذلك الزعيم، معشوق الحزبيين المحليين، فكلما بالغوا في الهيام به، على حساب بلدهم، كلما زاد هو في جفائهم، وإحراجهم مع مريديهم، ولكن يزول العجب إذا عرفنا طبع المحبين، وحكايات الغرام التاريخية، فمن المسلم به أن المعشوق يتفنن في تعذيب العاشق، بل ويبالغ في ذلك، ولأن مشاعر أحبتنا الحزبيين المحليين تهمنا، ولأننا أصبحنا نشفق عليهم، فإنني أطالب ذلك الزعيم، ومن هذا المنبر الحر، أن يترفق بعاشقيه، وأن يحاول مجاملتهم ولو لماما، وذلك من باب المداواة، ومراعاة مشاعر «المغرمين الولهانيين»، فليس معقولا أن يخجلهم بهذا الشكل، وهم الذين باعوا بلدهم، ووقفوا ضد سياساته الخارجية، في سبيل إرضاء هذا المعشوق القاسي، الذي نزعت من قلبه الرحمة، فهل تراه يستجيب لندائي؟. أتمنى ذلك وأرجوه.