د. أحمد الفراج
لا جدال في أن عمدة مدينة لندن، السيد بوريس جانسون، نجم سياسي، وإعلامي مثير، وهو لا يفوّت فرصة للظهور الإعلامي إلا واهتبلها، ومع أنه ينتمي إلى أسرة متوسطة الحال، أو فوق المتوسطة، إلا أنه كان محظوظا بمنحة ملكية، أتاحت له الدراسة في كلية ايتون العريقة، وهي مدرسة لأبناء الذوات، من أبناء الأسر البريطانية الأرستقراطية، وهناك تفتقت مواهبه الكتابية، وامتهن السياسة، ثم انتخب عمدة لأشهر مدينة عالمية، ولا يزال، وهو الآن يطالب بانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، ومن المسلم به أن بريطانيا لم تنجرف كليا مع هذا الاتحاد، فتأشيرة شنغن، على سبيل المثال، لا تشملها، كما أنها لم تندمج في التكامل الاقتصادي الأوروبي، ولا تزال تستخدم عملتها القديمة، وكثير من البريطانيين، خصوصا الإنجليز، لا يزالون ينظرون لبريطانيا على أنها تلك الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، رغم أنها، ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، أصبحت مجرد تابع للمارد الأمريكي، الذي تبادل معها الأدوار بكل سلاسة!
عمدة لندن، بوريس جانسون، يعتبر إنجليزي أصيل، لدرجة أن البعض يتهمه بالعنصرية، والمفارقة هي أن جده لأبيه هو السيد عثمان كمال، الذي ولد لصحافي تركي، اسمه أحمد كمال!!، من زوجته الإنجليزية السويسرية، وبعد وفاة الصحافي أحمد كمال، تبنت أسرة زوجته تربية ابنه عثمان، وبعدها تم تغيير اسم عثمان إلى جون، ثم تخلى جون، بعدما كبر، عن جذوره التركية، وتقمص دور الإنجليزي العتيد، وتزوج من السيدة، ني وليامز، وهي ابنة غير شرعية للأمير البريطاني، بول وارتنبرق، أحد أفراد سلالة الملك جورج الثاني، ملك بريطانيا العظمى، وقد رزقا بابنهما ستانلي، والد عمدة لندن حاليا، بوريس جانسون، وهذا يعني أن السيد بوريس جانسون، ينتمي إلى عرقين متناقضين تماما، العرق التركي الإسلامي، والعرق الملكي البريطاني، ولهذا فهو يقول دوما بأنه «نتاج لخلطة عجيبة، إسلامية مسيحية ويهوية»، حيث إن فيه عرق روسي يهودي، أيضا!!
قصة عمدة لندن، الإنجليزي الخالص وجده المسلم، تجعلك تتوقف كثيرا عند القيم العنصرية، فكم من مرة تشتم، أو تكره من يختلف معك في الدين أو العرق أو اللون، مع أنك ربما تكون قريبا لهذا الإنسان المشتوم، وأنت لا تعلم، والخلاصة هي أن قصة بوريس جانسون تستحق البحث والتأصيل، وهنا أتمنى أن يتم عمل تحقيق كامل عن هذه الشخصية المثيرة، عن طريق صحيفة إيلاف، مطبوعة زميلنا اللندني عثمان العمير، فهو من أكثر الناس حبا ومتابعة لكل ما يتعلق بالإنجليز، وتاريخهم، وقصصهم المثيرة، فهل تراه يفعل؟!