سارة الجريسي ">
قبل فترة من الوقت كنت أتجاذب أطراف الحديث مع إحدى زميلاتي، بينما كنت أدردش معها قلت (بحسن نية): -أختك لطيفة جدا، أحب أسولف معها- وما إلى ذلك من المديح، وإذا بوجهها ينقلب درجات من اللون الأحمر وبدأت تلح علي أن أتوقف عن مديحها لأنها تغار من أختها! وقالت: إنها تعبت من أقوال الناس ومقارنتهم بأختها لها!.
زميلتي تحسد أختها بسبب المقارنة! إذاً فالمقارنة تنشئ الغيرة والحسد بين الأقران، ليس ذلك فحسب بل إنها قد تؤدي إلى البغض أحياناً.
الغرض من المقارنة كما هو متداول ومتعارف عليه بين الناس أنها تحفز من الشخص وتدعه يحذو حذو المقارن به لكن النتائج من هذه المقارنة تكون العكس تماما.
المقارنة بين الأقران تؤدي إلى التقاعس عن العمل إذ إن الشخص يبدأ بالتفكير أنه مهما عمل لن يستطيع أن يصل إلى ما وصل إليه الشخص الذي قورن به.
أيضا تؤدي إلى ضعف الثقة بالنفس والكسل والإيمان التام للشخص بأن ليس له إمكانيات وقدرات للاجتهاد والتحسن إلى الأفضل، وقد يبدأ بالتفكير ويسأل نفسه ما الفائدة من اجتهادي هذا وأنا لن أصل إلى ما وصل إليه فلان ؟ عندها يبدأ اليأس في النمو في قراره نفسه تدريجياً.
وقد تكون المقارنة أيضا ضررا للمقارن به، حيث يبدأ الناس بتجنبه خشيت مقارنتهم به أيضا، وقد يتم تجاهله إذ إنه مثالي ومتمكن لماذا قد نجلس معه أو نقدم له الاقتراحات والمساعدات وهو مثالي ونقارن نحن به؟
علماء النفس قالوا: عندما تريد الأفضل لشخص تغير مستواه وانخفض للأسوأ، قارنه بذاته السابقة وليس بأقرانه.
فعندما تقارن الشخص بذاته فإنه سيبدأ بإعادة التفكير، لماذا انخفض مستواه؟ هل يجب عليه أن يعود كما كان؟ لقد كان أفضل في وقته السابق من الآن إذا سوف يبدأ من نفسه بالتغيير إلى ما كان عليه سابقا بل وأفضل من ذلك بكثير.
كل شخص له إمكانياته وطموحاته وأهدافه وظروفه أيضا، لكل منا طاقة وحدود لا نستطيع أن نتجاوزها إذا فلماذا المقارنة؟ فالمقارنة بجميع جوانبها سيئة سواء كانت بين الأطفال أو الأبناء أو الزملاء أو الطلاب.
فحتى لو كانت المقارنة بين شخص وعالم من العلماء لنحذو حذوه ستكون سلبية أيضا!، لأن زماننا غير زمانهم وظروفهم أيضا غير ظروفنا وقدراتنا العقلية التي وهبنا الله إياها ليست متساوية.
إذا فعندما تقارن بين الأشخاص تذكر أن لكل فرد قدرات ومواهب، فعندما تقارن بين الجزر والتفاح، الجزر له فوائده والتفاح أيضا له فوائده فبرأيك الآن من الأفضل؟