يوسف المحيميد
يقول الكاتب الأمريكي بن هوبارد مخاطبا القارئ، في تقرير طويل نشرته صحيفة نيويورك تايمز، عن السياحة السعودية: «ستجد شواطئ غير مستغلة، مواقع أثرية، وثقافة شعبية لم يتدخل فيها أحد، كلها متوفرة في المملكة العربية السعودية، ولكن لا تتوقع رحلة سهلة».
واعتبر الكاتب الذي زار جزيرة فرسان الجميلة، أن هذه الرحلة كانت الدرس الأول له في ما يعنيه السفر إلى بلد مليء بالمواقع السياحية المحتملة، لكن حكومته مترددة في أن تدع الأجانب يرون هذه المواقع النادرة والجميلة، وأشار إلى أن دولا في المنطقة، كمصر والأردن والإمارات، استثمرت في السياحة بجعلها إحدى ركائز اقتصاداتها، على خلاف المملكة التي تقف على حدة، لسبب وجيه، كما يراه الكاتب، هو أن هُوية هذه البلاد تدور حول كونها مهد الإسلام وموطن الحرمين الشريفين، وجزء من تراثها هو التمسك بعقيدة صارمة، تفرض على المحال إغلاق أبوابها معظم وقت اليوم، والنساء بلبس عباءات سوداء من أعلى الرأس حتى أخمص القدمين، ويمنعن من قيادة السيارة، أو من التنشئة الاجتماعية مع غرباء... وغير ذلك مما يراه عوائق تجعل الغربيين، وحتى المواطنين أنفسهم، يستبعدون وضع المملكة ضمن قائمة الدول لقضاء إجازة الربيع فيها، هذا الاستبعاد لهذه البلاد، من قائمة البلدان المحتمل قضاء الإجازة فيها، سواء للأجانب أو حتى المواطنين، يعني كبح الفرص، وتعطيل استثمار السياحة كمصدر مهم من مصادر الدخل، ومن أهم المجالات التي تسهم في التنويع الاقتصادي الذي نسعى إليه، خاصة مع انخفاض أسعار البترول، وحاجتنا الماسة للبحث عن مصادر جديدة.
فكما نمتلك مخزونا ضخما من البترول الخام، استطعنا بواسطته نقل بلادنا إلى مراتب متقدمة من النمو والازدهار، فإننا نحظى أيضًا بمخزون هائل من الآثار والمواقع التاريخية لأمم مختلفة، يمكن أن يتهافت العالم عليها، مما يعني مزيدا من الدخل الوطني، لسلعة تختلف عن البترول، فهي لا تنضب ولا تزول، وتوفر عددا كبيرا من الوظائف لشبابنا، قد تعادل أو تفوق ما حققه البترول خلال عقود.
نحن ندرك، بل حتى الأجانب يدركون صعوبة تجاوز بعض العادات والتقاليد، لكن لابد من استغلال هذا المصدر الاقتصادي المهم، بطريقة مقبولة، تراعي القواعد المجتمعية، لكنها لا تهدر المزيد من الوقت، في عدم استغلال هذه الآثار والأمم القديمة، نظرًا للخضوع لسلطة فئة ما في المجتمع، كان لها دور كبير في تعطيل التنمية في بدايات خطط التنمية الخمسية الأولى، بسبب خوفها وتوجسها من الجديد، ولو خضعت الدولة لخوفها وترددها ذاك، لبقيت هذه البلاد أسيرة الجهل والتخلف، وبَقى اقتصادنا زراعي ورعوي بسيط جدًا، لكن القرارات الجريئة، القرارات المسؤولة هي ما صنع نهضة هذا الوطن، لذلك على صاحب القرار منح المزيد من الضوء لهيئة السياحة والتراث الوطني، كي تنجز مشروعاتها، كجهة مؤثرة، ينتظر منها الاقتصاد مزيدًا من العوائد، التي تعزز موازنة الدولة، بدلا من السحب من الاحتياطيات، أو الاقتراض.