استسخاف البعض وتعلقهم بالشهرة سبب في تردي الأغنية ">
حاوره - عبدالله الهاجري:
يصف الفنان ماجد المهندس حال الأغنية العربية حالياً بالصعبة وأن الجو الفني العام غير ملائم ولعل بعض الظروف السياسية والاقتصادية التي تمر بالمنطقة سبب في ذلك، إلى جانب استسهال -حسب وصفه- بعض الفنانين تعاطيهم باستخفاف مع الأغنية سواء في الكلام أو اللحن، مشيراً إلى أن رغبتهم في الوصول بسرعة وتعلقهم بالشهرة سبب في تردي حال الأغنية.
وأضاف: حتى وسائل التواصل الاجتماعي -السوشيل ميديا- المنتشرة بكثرة هذه الأيام ساهمت في انتشار بعض الأصوات وبعض الأعمال التي غيرت قواعد اللعبة في الأغنية العربية، ومع ذلك وفي ظل هذا التذبذب ظهرت أصوات مميزة في عالمنا العربي، ولعل هذا من الفوائد الصحية لوضع الساحة الغنائي العربية، مؤكداً المهندس بأن الحياة لابد أن تستمر وأن لا نقف عند هذه الظروف، سنتجاوزها بالفن، ووصف الغناء بواحد من أهم أسباب تجاوز أي ظروف.
وقال المهندس في حوار مطول مع «الجزيرة»، إن الفنان معرض لمجاملة شخص معين، وأنا معها إلى حد معين وضدها بالكامل إذا كانت مملاة على الفنان، وأردف: في العادة وفي مثل هذه الأعمال -المجاملة- فإن هناك عدة أعمال تعرض على الفنان، الذي عليه أن يختار منها الأنسب له ولجمهوره، وهذا الاختيار يقع على عاتق الفنان أولاً.
بدأنا الحوار مع الفنان ماجد المهندس، الذي أصبح علامة ثابتة في أغلب مهرجانات الوطن العربي لجماهيريته الكبيرة، وهو رهان روتانا في جميع حفلاتها، بمدى اقتناعه بما قدمه منذ انطلاقته الفنية قبل أكثر من عقدين من الزمن وحتى الآن، فأكد بأنه مقتنع تماماً بما قدمه، وهناك أعمال منذ انطلاقتي لا زالت عالقة في ذهن جمهوري وتطلب مني في حفلاتي، أعتقد بأنني وفقت في تقديم أعمال عالقة في أذهان المتلقين.. لي خط واضح وسياسية معينة فيما أقدم، لذلك فأنا مؤمن ومقتنع تماماً، لكن يبقى طموحي أكثر من ذلك، لا يزال الطريق أمامي طويل للمحافظة على نهجي، وأن أقدم دائماً ما يرضي جمهوري.
وعن أسباب اختياراته المميزة في أعماله أرجعها للتوفيق ثم لحرصه على الإحساس بالعمل وبالذات في القصائد، معتبراً الكلام أهم عنصر له في الأغنية قبل أي شيء، اللحن من الممكن إعادة صياغته مجدداً، وحتى التوزيع من الممكن أن نعيد تركيبته مجدداً، يهمّني أن أحس في النص، ومن ثم انطلق على اللحن والتوزيع، أحرص على الصدق في العمل، وهذا نابع من احترامي لذائقة المتلقي وإحساسه، هناك أعمال لا أقبل بها، وحدث هذا فعلاً، رفضتها لأنها لم تناسب طريقي وشخصيتي الفنية.
رجعنا مع ماجد لبداياته الفنية، فقال: البداية معروفة عند الغالبية والتي بدأت من العراق ثم الأردن ولبنان ومصر، ثم مكثت في باريس فترة طويلة، وكانت البداية رغم مرارتها تحمل ذكريات ممتعة وجميلة، وأعطتني الخبرة والقوة والصبر، وإذا رجعت بي الذاكرة لتلك الأيام الصعبة أحس بالنجاح الحقيقي، لأنني فعلاً كنت وقتها محتاجاً للعمل ومحتاجاً للنجاح، ومن هذه الحاجات مع الصبر والمثابرة، تمكنت من تحقيق النجاح الذي أعيشه الآن وأفتخر به، ولا أخفيك وأنه عند نجاح أي عمل أو حفلة فوراً أعود لتلك الأيام وأتذكر الثقة التي اكتسبتها، ولا أنسى إطلاقاً أشخاصاً وقفوا معي وكانوا محفزين لهذا النجاح، وماجد المهندس التحق بشركة «الخيول» وطرح معهم ثلاثة ألبومات هي «مو بس حبك» و «أنت أتجنن» وألبوم «دقات قلبي»، وبعدها انضم في عام 2005 م لشركة روتانا للصوتيات والمرئيات، ولا يزال معهم حتى الآن.
وحول مجاملاته فيما يقدم سواء مع الشعراء أو الملحنين، أكد المهندس أنه لم يجامل على حساب فنه وجمهوره، وأضاف بإمكانك العودة لأعمالي ستجدها على الأقل مرضية من ناحية اللحن أو الكلام، مشيراً إلى أنه واجه هذه المجاملات بمعرفة الشعراء سياستي وخطي الفنية، ويعرف القيمة الفنية التي أقدمها، فلذلك الشاعر لا يقدم لي إلا النص المميز، الذي يناسب خطي وذائقة جمهوري، ولا أتصور أن أي شخص يحترمك ويحترم قيمتك ومكانتك أن يتجاوز هذه الخطوط.
وأشار المهندس أن الجو العام الفني غير ملائم حالياً بسبب الظروف السياسية والاقتصادية في العالم أجمع وليس في الخليج فقط، لكن الحياة يجب أن تستمر، ملمحاً إلى أن كمية الأصوات الظاهرة ووسائل التواصل الاجتماعي -السوشيل ميديا- ساهمت في إبراز بعض الصاعدين، الذين يقدمون أعمالاً أقل ما يوصف عنها بأنها أعمال «بسيطة»، وفي المقابل هناك أصوات مميزة ظهرت أخيراً، وعلى الأقل هذا يعطي دافعا جميلا في استمرارية الساحة الفنية، هناك نصوص شعرية جيدة ويقابلها ألحان مميزة، وأوضح أن الشعر أساس الأغنية إلا أنها لم تأخذ جمهور الأغنية، وأضاف حتى في الأغنية هناك أغنية رومانسية مثلاً وأغنية إيقاعية لم تدخل على بعض، ولكل وحدة جمهورها ومتذوقيها، الساحة تتسع للجميع ولكل لون ناسها ومحبيها ومتابعيها.
وحول الشاعر المنتج والملحن المنتج ومدى أثره على الأغنية، أبان المهندس أنها ظاهرة صحية، وهي موجودة من زمان منذ أيام عبدالحليم حافظ وأم كلثوم، حيث تغنوا بكلمات لشعراء منتجين، وليست دخيلة على الأغنية، بالعكس هذا تكريم للفنان، وهي مريحة للفنان بالذات الفنانين الذين لا يملكون شركات إنتاج أو ليس لديهم منتجين، ويعتبر هذا دعما جميلا للفنان.
وحيال خطوته في فكرة الـ«ميني» البوم أشار إلى أنه وبالاتفاق مع شركة روتانا، ومع السيد سالم الهندي المدير التنفيذي للشركة، ظهرت هذه الفكرة لأن التركيز فيها يكون أكثر بعكس الألبوم الكامل الذي يحمل مثلاً 17 عملاً، الذي يأخذ وقت طويل وجهد، وغيابي عن جمهوري قد يستمر لسنتين وفي الأخير قد تنجح أغنية أو أغنيتين، وفوق ذلك يحتاج الألبوم الكامل إلى جهد من الجمهور لاستماعه وقد تطول فترة تنفيذه، وتصبح بذلك الأفكار في هذا العمل متأخرة قليلاً.
واستدرك المهندس بأن وقتنا الحالي يجبرنا على العمل على أعمال قليلة، وفي أوقات متقاربة وليست بالبعيدة، والأهم أن الفترة بين الميني ألبوم والآخر هي ثلاثة أشهر فقط، ما يكون هناك استيعاب للأفكار الجديدة والمتنوعة وتحقيق رغبات جمهوري إلى جانب أن التنافس بين الشعراء والملحنين يكون مستمر للتواجد في هذا الألبوم، مبدياً حرصه على تصوير بعض أعماله بطريقة الفيديو كليب كونها حاجة مهمة في الأغنية وعنصر قوي لانتشارها.
وأكد الفنان ماجد المهندس بأنه لا يملك أي سياسة للتعاون مع أي شاعر، مشيراً إلى أنه خلال مشواره تعاون مثلاً مع شاعر في أغنية واحدة وتعاون مع شاعر آخر في عشرة أعمال، وأن النص هو الذي يفرض نفسه، وكذلك الحال ينطبق على الملحن مستشهداً بملحن «أنا بلياك» أزهر حداد، حيث تعاونت معه لأول مرة بالرغم من كونه شاباً من العراق.
وأشار إلى أن علاقته بشركة روتانا علاقة متينة، ونحرص «كطرفين» على تقديم الجميل، وأصبحنا أنا وروتانا ممثلة في سالم الهندي وبقية العاملين في الشركة عائلة واحدة، بعلاقة يسودها الاحترام والمودة، وهي علاقة مستمرة، وأضاف بالرغم من العوائق في الإنتاج وكثرة الفنانين، لا تزال روتانا هي الأولى عربياً في الإنتاج والمهرجانات والتواصل مع المتلقين.
وفي جانب آخر أبان المهندس أنه استمع لألبومات بعض زملائه الفنانين كرابح صقر وعبدالمجيد عبدالله، وأبدى إعجابه بما يقدمونه، وحول ذكر رابح، سألته عن طرح صقر ألبومين بـ 38 عملاً هل هي مناسبة، فأكد المهندس أن صقر «أبخص»، بما يطرحه، وربما حاول تعويض جمهوره وإشباع رغباتهم، بسبب الغياب الطويل عن طرح الألبومات، مستدركا أن صقر ربما لا يعيد هذه التجربة، وطالبه بالتواجد المستمر، وأن لا يطيل الغياب، كون تواجده وبقية الفنانين الكبار في الأغنية السعودية مهم ومحفز لتقديم الجميل.
وحول تجربته مع «الجنادرية»، أكد ماجد المهندس بأنها كانت تجربة عظيمة، وكان وساماً على صدري أن ألحن لهرم المهرجانات في السعودية، حيث لحنت أوبريت بمشاركة الملحن ناصر الصالح وأشرفت سنة على الأوبريت، أتمنى أن أكون قد وفقت، ولا أنسى بأن هناك أعمالاً شكلت حالات وجدانية عند السعوديين، ألحظ ذلك في المهرجانات الوطنية مثل «يا ملكنا فيك نكبر» و «هذا ملكنا من يباهينا بملك» وهي من الحاني، ولا أخفي فرحتي عندما أشاهدها تعرض على القنوات، في المناسبات الوطنية أو حتى تطلب مني، من المعروف بأن المهندس قام والملحن ناصر الصالح بتلحين أوبريت الجنادرية «وحدة وطن» والذي كتبه الشاعر ساري، وأشرف على كامل العمل الموسيقي لجنادرية «قبلة النور»، وشارك لأربع مرات هو ومجموعة من كبار الفنانين في السعودية في أوبريتات الجنادرية.
ويؤكد المهندس أن علاقته مع الفنانين في السعودية أكثر من رائعة، وعلاقتي معهم قبل أن أقيم في السعودية، مثل فنان العرب محمد عبده وراشد الماجد وعبدالمجيد عبدالله ورابح صقر والكثير منهم ومن الشعراء وحتى من الصحافيين، علاقتي بهم رائعة نلتقي في المناسبات الخاصة وفي الحفلات وعلاقتي بهم طيبة وأحرص على استمراريتها بهذا الشكل، حيث تعاونت مع الأغلبية منهم سواء في الغناء المشترك أو في ألحان متبادلة، مبيناً أنه نهل من الموروث السعودي وقدمت بعض الأعمال لسلامة العبدالله ولفهد بن سعيد وغيرهما مثل أغنية «هنيّكم» و «أرجوك جفت دموعي».
وأكد أن الأغنية الرياضية للأندية هي نوع من المجاملة إلى جانب أن لي جمهور من جماهير تلك الأندية، ولهم الحق أن أقدم لهم عملاً خاص لأنديتهم، وأبان أنه يشجع المنتخب السعودي واللعب «الحلو».
وحول تجربته في لجان التحكيم من خلال ظهوره في برنامج «محمد عبده وفنان العرب» أشار لأنها جميلة، وألمح أن وقته لا يسمح لأن يكون عضو دائم في لجنة حكم، أو أن يطرق التمثيل أو السينما، ووصف هذه الخطوة بـ «المؤجلة»، وأشار أن هذه البرامج مهمة في مسيرة الفنانين الشباب عليهم باستغلال هذا الظهور، كنا نتمنى فنان أو برنامج يهتم فينا في بداية ظهورنا وأن يأخذ بأيدينا للنجاح والطريق الصحيح، حفرنا بالصخر ووقفنا ضد رغبة الأهل وضد رغبة الكثير من الناس والذين حاربوا بداياتنا، اليوم هناك برامج يقف عليها فنانون كبار وموسيقيون ويقدمون نصائح مجانية للمشاركين، وللهواة عليهم فقط أن يستغلوا هذه الفرصة وأن لا يصيبهم الغرور في حال نجاحهم، مشيراً إلى أن النجومية أن تعمل على نفسك أكثر بالجهد والاجتهاد ومواصلة البحث عن العمل الجميل والذي يبقى ويستمر، مؤكداً إعجابه بعدد من الأصوات التي خرجت من هذه البرامج مثل كارمن سليمان ودنيا بطمة ومحمد عساف.
وحول عمله الجديد «تناديك» الذي حقق نجاحا كبيرا خصوصاً وأنه طرح على شكل ديمو، ولم يكن موزعاً موسيقياً بشكل نهائي، وهو من كلمات الشاعر ياسر التويجري وألحان أحمد الهرمي، قال المهندس إن العمل لامسني منذ أن غنيته كـ «ديمو» وكذلك الشاعر ياسر التويجري والملحن أحمد الهرمي، أخبروني بأن الإحساس في غناء الديمو عالي، وأثناء تسجيلي الأغنية حضر سالم الهندي إلى الأستوديو وسمع العمل، وكانت فكرته أن يطرح بشكله الحالي كهدية للجمهور، على أن يكون ضمن أعمال الألبوم القادم بصيغته النهائية، وقد وافقت على الموضوع وحققت الأغنية نجاحا كبيرا والحمد لله.
وختم الفنان ماجد المهندس حواره المطول مع «الجزيرة»، مؤكداً أن هناك تعاونات فنية قادمة تجمعه مع عدد من الشعراء، أمثال ساري وقوس وفايق حسن ومحمد عبدالرحمن وفراس الحبيب، وكذلك مع عدد من الملحنين منهم سهم وعلي صابر وعلي بدر، وياسر بوعلي ومحمد بودلة.