د.عبدالعزيز العمر
منذ ظهور المدرسة والجدل حولها لا يتوقف، فهناك من رأى أن وجود المدرسة يُعد مؤشراً على مرض المجتمع، وهؤلاء يرون أن المدرسة لا يتجاوز دورها دور تزكية الناس بمنحهم شهادات تثبت صلاحيتهم للمشاركة في تنمية مجتمعاتهم، ومن لا تزكيه المدرسة (بهذه الكرتونة) فهو غالباً إلى ضياع. المناوئون للمدرسة يرون أيضاً أنها تُنمّط الناس وتقولبهم وتصبهم في قوالب مسبقة كافية لإيقاف تدفق إبداعاتهم وقدراتهم الخلاّقة. ويرون أيضاً أن المدرسة تشجع تطابق وتماثل الطلاب، بل وتحاول طمس فرديتهم وذلك بدمجهم في التيار المجتمعي السائد. إن المدرسة بهذه السياسة تُحاكي (نموذج المصنع) الذي تقذف خطوط إنتاجه بقطع متطابقة، وأية قطعة تختلف عن النمط العام للمنتج يتم إتلافها فوراً. هذا على مستوى المدرسة، أما على مستوى الفصل وما يجري فيه من تدريس فهو تدريس يحاكي نموذج (مضيفة الطيران)، مضيفة الطيران تقف أمام الركاب وتسرد عليهم التعليمات دون أن تكترث، فهموا أم لم يفهموا التعليمات، بل إنها لا تطلب انتباه الركاب، ولا تُوقظ النائم منهم ليستمع إليها، وهي تخاطب بنغمة واحدة وبتعابير وجهية ثابتة، حتى وهي تتحدث إلى الركاب عن التصرف المطلوب منهم عند سقوط الطائرة في المحيط لا يُلاحظ الركاب على تعابير وجهها ما يُشير إلى خطورة الموقف، يا خوفي أن بعض معلمينا يؤدون في أثناء تدريسهم طلابهم دوراً مشابهاً لدور تعامل مضيفة الطيران مع الركاب.