رفع مستوى الإفصاح بسوق الأسهم يقلص المضاربات ويرتقي بجاذبيته عالمياً ">
الدمام - فايز المزروعي:
أجمع عدد من الاقتصاديين، على إيجابية مطالبة مجلس الشورى لهيئة سوق المال برفع مستوى الإفصاح عن ملكية كبار ملاك الشركات المدرجة في سوق الأسهم، الذي يقتصر في الوقت الراهن على من يمتلك 5 بالمئة فأكثر لكل شركة، ويخفي جميع الملكيات التي دون هذا المعدل حتى وإن كانت قريبة جداً منه، بالإضافة إلى مطالبة الهيئة بالإفصاح عن أكبر 20 مالكاً في الشركات المدرجة، كما هو معمول به في عدد من أسواق المال العالمية.
وبيّن الاقتصاديون، خلال حديثهم لـ»الجزيرة» أن هذه المطالبة في حال اعتمادها ستدعم السوق بمزيد الإفصاح والشفافية، وذلك لكون الإسلوب الحالي لا يعكس حقيقة الملكيات المؤثرة بالسهم، مؤكدين في الوقت ذاته أهمية أن تأخذ هيئة السوق هذه المطالبة بمحمل الجد، أو بمقترحات سابقة تطالب بتخفيض النسبة الإلزامية للإفصاح بأقل من النصف.
وأوضح الخبير الاقتصادي والمحلل المالي محمد العنقري، أن الإعلان عن أكبر 20 مالكاً يعد مزيداً من الإفصاح والشفافية، وذلك لكون الإسلوب الحالي لا يعكس حقيقة الملكيات المؤثرة بالسهم، لأن الكثير قد يتملك نسب تصل إلى أقل من 5 بالمئة بقليل ولا تظهر أسمائهم، بينما تكون حركتهم بالسهم مؤثرة أكثر لكونها غير معلومة للسوق.
وقال العنقري: لكون السوق المالي يعد قناة رئيسية للاستثمار بالمملكة، وهناك قوة اقتصادية ترسخت منذ عقود، مع ارتفاع عدد الشركات خلال العشر سنوات الماضية، يعد هذا الإجراء إذا تم اعتماده إيجابي للسوق، ويوضح الكثير عن الشركات، خصوصاً عندما تكون الملكيات تابعة لمستثمرين، كالصناديق أو شخصيات معروفة بأنها تستثمر لسنوات طويلة، فذلك يعتبر مؤشر إرشادي لصغار المستثمرين، كما إن تخارجهم أيضاً يعد مؤشراً على النظرة لمستقبل الشركة، وكذلك يلعب دوراً مهماً في تقليل الآثار السلبية لحمى بعض المضاربات التي تصنف بالضارة في أسلوبها وتضليليها، واحتوائها على كثير من المخالفات، حيث إن مثل هذه الإجراءات التنظيمية سيكون لها أثر ملحوظ في استقرار وتحسن السوق المالي.
من جهته، أكد المحلل المالي والخبير في الأسواق المالية، هشام الوليعي، أنه يجب على هيئة السوق المالية أن تأخذ بتوصية مجلس الشورى ومطالبات المتداولين بسوق الأسهم السعودي بالإفصاح عن أكبر 20 مالكاً في الشركات المدرجة بمحمل الجد، أو بمقترحات سابقة بتخفيض النسبة الإلزامية للإفصاح بأقل من النصف، أو «بنسب وتناسب» بحسب حجم الشركات.
وأضاف الوليعي «المتعارف عليه أن السعي لرفع مستوى الإفصاح وزيادة الشفافية للوصول للمستويات العالمية ومقارعتها يجني ثماره الاقتصاد السعودي بالدرجة الأولى، ويثبت أن هيئة السوق بعد إخفاقات سابقة، عازمة على تحقيق إنجازات يطمح لها المستثمر المحلي بالدرجة الأولى، وتشترطها الأصول العالمية الضخمة التي لن تكون متحمسة للدخول في سوق دون التقييمات العالمية، ولايزال يخضع للتطوير بخطوات بطيئة.
وبيّن، أن مثل هذه الإجراءات التنظيمية ستتيح نوعاً من الشفافية والمعلومة الصحيحة، خصوصاً لصغار المستثمرين، الذين من السهل انسياقهم وراء الشائعات، وبالتالي اتخاذهم لقرارات خاطئة، تؤدي في نهاية المطاف إلى تكبدهم خسائر كبيرة.
أما المحلل المالي والخبير في الدورات الاقتصادية مساعد السعيد، فقال: جاءت توصية مجلس الشورى برفع مستوى الإفصاح عن ملكية كبار ملاك الشركات المدرجة بتوقيت مناسب جداً، حيث إن السوق السعودي يعيش مرحلة تصحيح وبناء مراكز في الشركات الواعدة من قبل المستثمرين، بحيث يرتفع مستوى الشفافية في إحجام زيادة أو نقص استثماراتهم بتلك الشركات.
وأكد السعيد، أن أهمية التوصية تكمن في أنها سترفع مستوى الإفصاح، وستعزز من مبادئ الحوكمة الفاعلة، إلى جانب أنها ستحد من تلاعبات المضاربين بقصد التأثير على الأسعار، وهذا ما يجعل السوق السعودي جاذباً للمستثمرين الأجانب، فكلما ارتفع مستوى الشفافية والإفصاح، كلما ارتفعت جاذبية السوق للسيولة الباحثة عن استثمارات واعده وآمنه بنفس الوقت.
وكان مجلس الشورى قد طالب في جلسته العادية الرابعة والعشرين التي عقدت الأربعاء الماضي، هيئة السوق المالية برفع مستوى الإفصاح عن ملكية كبار ملاك الشركات المدرجة في سوق الأسهم، الذي يقتصر في الوقت الراهن على من يمتلك 5 بالمئة فأكثر لكل شركة، ويخفي جميع الملكيات التي دون هذا المعدل حتى وإن كانت قريبة جداً منه، مطالباً هيئة سوق المال بالإفصاح عن أكبر 20 مالكاً في الشركات المدرجة بالسوق، كما هو معمول به في عدد من أسواق المال العالمية، مؤكداً عبر لجنته المالية أهمية رفع مستوى الإفصاح في تعزيز مبادئ الحوكمة الفاعلة ورفع مستوى الشفافية في الكشف عن أحجام استثمارات كبار المستثمرين الذين يضخون في العادة استثماراتهم في الشركات الجيدة، حيث إن الإفصاح المطلوب يسهم في الحفاظ على استقرار السوق ورفع معدل العائد على الاستثمارات، كما دعا المجلس إلى تنشيط أدوات الدين، كالسندات والصكوك، وتنويعها عند قيم تكون بمتناول الأفراد والمؤسسات، وطالب المجلس أيضاً، هيئة سوق المال بالإسراع في استكمال الإجراءات اللازمة لإدراج سوق الأسهم السعودي في مؤشر (إم إس سي آي) للأسواق الناشئة، إذ إن السوق المالي السعودي يواصل النمو في القيمة السوقية مع استمرار نمو أعداد وأحجام الشركات المدرجة، وإجراءات دخول المستثمرين الأجانب، في ظل تطبيق لائحة لحوكمة الشركات وضبط البيئة النظامية نحو رفع مستويات الإفصاح والشفافية، وكل ذلك يؤهل السوق السعودي لينضم إلى هذه المؤشرات لقياس أداء الأسواق الناشئة.