د. سعد بن محمد الفياض
تزعم إيران أنها ذات دولة وسيادة وأن علاقاتها مع الدول وخصوصاً المجاورة تقوم على أساس من العدل والاحترام وعدم التدخل في شؤون الآخرين لا من خلال زرع الفتن والقلاقل ولا من خلال محاولة بسط النفوذ المذهبي فيها. وهذا هو الظاهر من تصريحات مسؤوليها، ولكن المتأمل في الحال والقارئ لحيثيات الأحداث وخصوصا بعد إقامة الأحكام الشرعية التي تنص عليها شريعتنا الغراء من خلال نصوص الكتاب والسنة وقواعد الشرع المطهر التي تحكم بها بلادنا من خلال محاكمها أقول بعد تنفيذ حكم الشرع حداً وتعزيراً في حق47 إرهابياً أدينوا بالقتل والتفجير والترويع والتحريض في بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية الذي يعد شأناً داخلياً يجد المتابع للأحداث أنها تتباكى على من وافقها مذهبياً وتحاول أن تكون شرطي المنطقة في الدفاع عنهم والقاضي العدل في المطالبة بحقوقهم ولو على حساب التدخل في شؤون الدول وسيادتها، مع أنها تنسى أو تتناسى أن هناك عشرين مليون سني يعيشون في إيران وخصوصاً في محافظات (منطقة تركمن الصحراء ومحافظة كردستان غرب ومحافظة خرسان وأذربيجان الغربية كرمنشاه وسيستان وبلوشستان وغيرها) والذين يمثلون نسبة خمس وعشرين في المائة من نسبة السكان وهم في حالة من الظلم والاضطهاد والضنك وشغف العيش، ضاربة بذلك كافة الأعراف والقوانين الدولية التي تنص على احترام الحقوق والأديان وحماية الأعراق والأقليات عرض الحائط.
إن أهل السنة في إيران رغم أنهم لم يثيروا القلاقل ولم يزرعوا الفتن إلا أنهم في حكم السياسة الإيرانية خارجون عن القانون مخالفون للأنظمة فتجد العنصرية البغيضة في التعامل معهم من خلال سلب الحقوق وتجريم حرية الإرادة سواء الشخصية أو التعبدية والتضييق عليهم في مصالحهم ومعاشهم، بل إن أهل السنة في إيران ما زالوا يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية!! وقضيتهم يحيطها كثير من النسيان والتغيب، وفيها كثير من الظلم والطغيان من الداخل والخارج، ومن أهم معالم قضية سنة إيران أنهم هم الأصل من سكان إيران، فإيران عبر تاريخها الإسلامي، الممتد من الفتح الإسلامي لها الذي بدأ في سنة 14هـ، واكتمل في سنة 20هـ في خلافة عمر الفاروق رضي الله عنه، بلاد سنية كسائر البلاد وقدمت للإسلام العديد من العلماء الكبار كالبخاري وأبي داود والترمذي والطبري وغيرهم.
إن على إيران أن تظهر شيئاً من المصداقية في تعاملها أولاً مع مواطنيها وخصوصاً أهل السنة منهم من حيث رفع الظلم عنهم وإعطائهم حقوقهم المنقوصة من حيث الحرية الشخصية القائمة على الاحترام والتقدير والحرية التعبدية وإقامة شعائرهم كاملة من غير منع أو تضييق.
إن إيران إن كانت حريصة على الوحدة الإسلامية وعلى وحسن الجوار أن تبدي شيئاً من هذه المصداقية من خلال كفها عن زرع بذور الفتن المذهبية والقلاقل الداخلية أو محاولة التعدي على سيادة ووحدة تلك الدول عندها سيظهر مدى مصداقية مبادئها وحسن نوايا وسلامة مقاصدها.
إن إيران مدعوة لأن تسير في طريق الوحدة الحقيقي التي تتبناها أسبوعياً وترفع شعارها كل عام وتدعو إليه من خلال تقديم نموذج صادق لحقوق الإنسان وخصوصا السنة منهم يعطي مواطنيها لهم حقوقهم ويرد عنهم الظلم، بإقامة مساجدهم ومدارسهم واحترام عقائدهم الذي هو المفتاح الحقيقي لقبول المسلمين في العالم لإيران.