د. سعد بن محمد الفياض
الحياء إمارة صادقة على طبيعة الإنسان، فهو يكشف عن قيمة إيمانه ومقدار أدبه، وهو دليل على حياة الضمير ونقاوة المعدن وزكاة العنصر.
والحياء والإيمان قرينان جميعاً فإذا رُفع أحدهما رُفع الآخر، إنّ الإيمان صلة كريمة بين العباد وربهم، ومن حق هذه الصلة بل أثرها الأول تزكية النفوس وتقويم الأخلاق وتهذيب الأعمال، ولن يتم ذلك إلا إذا تأسست في النفس عاطفة حية تترفع بها أبداً عن الخطايا أو سوء الأدب مع النفس أو مع الغير قولاً أو فعلاً.
وليس الحياء جبناً فإنّ الرجل الخجول قد يفضل أن يريق دمه على أن يريق ماء وجهه، وتلك هي الشجاعة في أعلى صورها، الحياء هو صفة العظماء وأصحاب المروءات، فإنّ الرجل الذي يخجل من الظهور برذيلة تنقص مروءته وتضعف رجولته، لا تزال فيه بقية من خير، فإنّ من الحياء أن يخجل الإنسان من أن يُؤثر عنه سوءاً، وأن يحرص على بقاء سمعته نقيةً من الشوائب بعيدة عن الإشاعات السيئة.
وأعظم الحياء، الحياءُ من الله فهو أسمى المنازل وأكرمها، فنحن نطعم من خيره، ونتنفس في جوه، وندرج أرضه ونستظل بسمائه.
ولا عجب فإنّ الإنسان بإزاء النعمة الصغيرة من مثله الإنسان يستحي أن يقدّم له إساءة فكيف بالرب الجليل؟ الذي يغمرُهم بآلائه من المهد إلى اللحد.
إنّ حق الله عظيم، وذلك بطاعته والبعد عن معصيته، فمن فعل هذا فقد استحيا من الله حق الحياء.
وإذا كان الحياء يجمل في الرجال فهو في النساء أجمل وأجمل.
وصَدَقَ الله إذ يقول في حق بنات شعيب عليه السلام عندما جاءت لموسى - عليه السلام - {فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء ...} الآية.
جاءت تمشي مشية الفتاة الطاهرة الفاضلة العفيفة النظيفة حين تلقى الرجال من غير تبذل ولا تبجح ولا إغواء، ولكن تتحدث بالقدر المطلوب سواء بيعاً وشراءً أو عند استخدام الهاتف في ثقة بطهارتها واستقامتها.
لا تضطرب الاضطراب الذي يطمع ويغري ويهيج، وإنما تتحدث في وضوح بالقدر المطلوب الذي يعلوه الهيبة والحياء، والحشمة والوقار.