د.محمد الشويعر
إن مفهوم الوطنية يعني المحبة وصدق الولاء، ومحبة الوطن مرتبطة بطاعة ولاة الأمر، وعدم التهاون في هذه الطاعة لأن أمرها عظيم؛ ولأن الله سبحانه قرن طاعته، وطاعة رسوله، بطاعة ولاة الأمر، بأكثر من حالة في كتابه العزيز..
.. ولا ينمو المجتمع، وتستقيم أمور الأمة: أمناً ورخاء، ما لم يستجب أبناء هذا المجتمع، وفي مقدمتهم الشباب، لطاعة ولي الأمر حيث ألزم الله بعهد يجب الوفاء به، لأهمية هذه الطاعة، امتثالاً في العمل واستجابة للتوجيهات...
ومحافظة على الأمن، وتنفيذاً للأوامر التي يفرضها ولي الأمر، لأنها ما جاءت إلا من أجل مصلحة المواطن للترابط مع قيادتهم، ولم تخرج من مدلول هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} النساء، الآية 59، قال الصحابي ابن مسعود رضي الله عنه: (إذا سمعت في كتاب الله يا أيها الذين آمنوا فارعها سمعك، فهو إما خير تؤمر به، أو شر تُنهى عنه)، ولا شك أن طاعة ولي الأمر المسلم خير ولمصلحة الوطن وأهله.
وعثمان بن عفان رضي الله عنه الخليفة الراشد الثالث يقول (يزع الله بالسلطان ما لا يزع بالقرآن..)، وقد جعل الله لولي الأمر سلطاناً، فهو بما ينظمه حارس أمين على البلاد بأمنها واستقرارها، منفذ لشرع الله في تطبيق الزواجر والحدود، التي ردع الله بها من يريد بالأمة شراً، بزعزعة أمنها، حتى يأمن الناس على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم لتهدأ بذلك نفوسهم.
وما ذلك إلا أن الله قد جعل لولي الأمر سلطة من شرع الله لمعاقبة المخالف، والقضاء على ما يخل بالأمن، بقطع دابر الأسباب والمسببات، وإقامة العدل، وتخويف ذوي النزعات، التي قد تظهر لدى بعض الشباب، والتأثير على تفكيرهم، فكن أيها الشاب بما منحك الله من إدراك وحسن استجابة، خير معين في التبصير بما يجب في مثل تلك النزعات.
والشباب منذ حداثة أسنانهم، ثم بعد دخولهم المدارس، يجب تنمية حق الوطن لديهم، ترسيخاً للمحبة التي لا تكون باللسان فقط، وإنما يصدق ذلك العمل، مهما جاءت المؤثرات التي يراد بها زعزعة هذا الولاء لولاة الأمر، المقترن بحب الوطن في مثل قول الشاعر:
بلادي وإن جارت عليّ عزيزة
وأهلي وإن ضنّوا عليّ كرام
ذلك أن من أحب شيئاً داوم عليه، وحقق النصح في هذا الحب، بصدق وانتماء، ثم تعلق القلب أداء ودفاعاً، وعدم الإنصات لمن يريد تفريق الكلمة، والمساس بالولاء، والأداء، أيها الشاب فالوطنية تـتم بحواس اللسان نطقاً، وهذا النطق يعبر عن مكنون القلب ولاءً صادقاً، مثلما أن الإيمان: القاعدة الرصينة، من أسس عقيدة المسلم، الذي جاء في تعريفه أنه: تصديق بالجنان، وقول اللسان، وعمل بالجوارح.. وهذا ارتباط مع الله سبحانه، لا يخالفه إلا من في قلبه مرض، لأنه عضو فاسد في المجتمع.
وهذا المدلول أيها الشاب لا يجوز معارضته بمدلول آخر، يراد بثه في العرف الاجتماعي، وليد على مجتمعنا، ونحن بحمد الله تحت ولاية صادقة، حريصة على تمكين العقيدة الصحيحة، التي قامت عليها هذه البلاد المباركة، منذ عام 1157هـ في أدوارها الثلاثة.. ولم تتغير عن الاهتمام ببناء الوطن والمواطن، والمحافظة على دين الله، وإقامة شرعه.. فيجب على الشباب التمعن في الأمر، وأن يتأكد هذا الولاء مع ولاة الأمر الذين ثبتوا منذ تلك العقود، على ما قامت الدولة عليه، ورسخ ذلك الملك عبدالعزيز رحمه الله، الذي أصر في هيئة الأمم المتحدة عندما قامت وأودعت فيها كل دولة دستورها، فكان إصراره على أن دستوره القرآن الكريم، ولا نحيد عنه.
ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال في حديث رواه الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى..) متفق عليه، فلا يصح أن يخدش حب الوطن المقترن بالاستجابة لولاة الأمر، الذين هم صمام الأمان حيث يسهرون للمحافظة على راحتك وأمنك أيها الشاب، وأنت مستقر ونائم، ويهتمون بك وبأولادك وذوي قرابتك، بتوفير الخدمات، وفتح المدارس، ورعاية المصالح العديدة، وغيرها من أمور، لا يمكن لها أن تتوافر لولا ما هيأه الله من ولاية حانية، حريصة على أداء الواجب، نحو الوطن والمواطن.
فيجب على الشباب أن يرعوا ذلك، بإحساس عميق، وينشروه بين بعضهم؛ ليحافظوا على هذه المكتسبات، وأن يكون كل فرد مدركاً لذلك، ومقارناً المكاسب والمصالح، لما لدى كثير من أمم الأرض، والشكر لله سبحانه، على ذلك، وإدراك أن ما يوجه نحو هذه البلاد، ما هو إلا نفثات حقد، وتمنيات بإزالة هذه النعمة، لأن كل ذي نعمة محسود.
وتعرّف أيها الشاب على تعريف الحسد، الذي هو أول ذنب عُصي الله به على وجه الأرض وقام به إبليس لأبي البشر آدم، وما تفضل الله به على آدم من نعم كثيرة، عندما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم، فسجدوا كلهم إلا إبليس أبى واستكبر.
ومن تعريف الحسد: تمني زوال النعمة عن الآخرين، وهي خصلة نمت عند اليهود، منذ بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، وجاء ذكرها في كتاب الله الكريم. فيجب أن تحافظ على المكاسب الكثيرة المتاحة، وأن تكون عيناً يقظة تعين ولاة الأمر، في العمل الكثير المناط بهم حتى تكسب أيها الشاب الأجر في هذا العمل، علاوة على المصالح المتحققة، وإغاظة الحاقدين الذين يريدون التفريق بين الأمة، بأفكار وافدة. فإن للنص في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أهمية كبيرة في مقاصد الإنسان، ومنها الرابطة الوطنية، فستكون شرعية بحسن المقصد والوفاء تثاب عليه أيها الشاب، أو سيئة إذا كان الهدف: الإضرار والإساءة، تؤزر عليه، فتبوء بالإثم عند الله مما يوجب عند ولاة الأمر - الذين وفقهم الله في أمور كثيرة -بموجب ماذا؛ لأن الله يدافع عن الذين آمنوا، فكن معيناً في قمع كل فتنة تبرز رأسها لتكون عضواً نافعاً لنفسك وأمتك ووطنك مستجيباً لولي الأمر أدام الله عزهم، وسدد رأيهم.
وللحديث بقية؛؛؛