محمد المنيف
دار حوار بيني وبين الفنان أحمد المنتشري عبر تويتر. والحوار «مبستر» قصير المدى، ليس لسبب معين سوى أننا كنا على قناعة مشتركة بما دار وبشكل سريع حول ما أشار إليه من أن اللوم يقع على الفنانين، وأنهم الأكثر تلقياً للنقد والعتب، وكأني به يشير إلى ما جاء في مقالي السابق حول العرض والطلب، وأن الفنانين السعوديين يبالغون بأسعار لوحاتهم مقابل تواضع أسعار لوحات الفانين المقيمين وسهولة تسويقها؛ ما تسبب في تكدس لوحات الفنانين السعوديين في مراسمهم، وأنهم لا يجيدون تسويق أعمالهم.
المهم، أبدي احترامي وتقديري واعتزازي بالصديق أحمد حتى لو اختلفنا في الطرح الذي دار بيني وبينه (تويترياً)؛ فقد أكد لي ما كنت أعرفه عن هذا الفنان من تعامل راقٍ، وقبول، واحترام للآراء حتى لو خالفت رأيه، مع أننا كنا متفقين.
لأعود للعنوان (المؤسسات أم الفنان.. مَن يلوم مَن..؟)، وهو اللوم الذي يوجهه كل طرف للآخر. فالمؤسسات ذات العلاقة بالفنون التشكيلية تجد جفاء الكثير من الفنانين التشكيليين، وخصوصاً أصحاب الخبرات والتاريخ الطويل، عند دعوتهم للمشاركة في أي معرض، أو تمثيل الفن السعودي دولياً، إلا من أفراد وليس أعداداً. إضافة إلى الشللية التي مزقت الساحة، وأشاعت الضغينة ضد المؤسسات الثقافية أو الفنية، واتهامها بإضاعة اللوحات والعبث بها، وعدم الدعم المادي.. إلى آخر الاتهامات المضللة التي طالت إدارات وإداريين، فضلاً عما يدار في المجالس من غيبة، تؤطر بأساليب عدة التفرقة والتقليل من جهود من يدير تلك المؤسسات. وإذا عدنا إلى الواقع فإننا سنلوم مرحلة التأسيس وما تبعها إلى يومنا هذا، التي كان فيها الفن التشكيلي يخدم المؤسسات المعنية بتنظيم المعارض أكثر مما يخدم الفنانين، وما مر بها من سبل التوجيه إلى من يستحق الجائزة دون غيره.
ولا أغفل أيضاً ما أصبحت عليه الساحة من تشتت وضياع هدف ومرجعية إدارية حتى وصل الأمر إلى تنافس لا يخدم الفن التشكيلي ولا الفنانين. بين مَن يبحث عن إثبات الهوية والخصوصية وأصالة الانتماء، ومَن يسعى للتغريب، وجد الجانب الأخير اندفاع السواد الأعظم من التشكيليين (الشباب) صغار السن والخبرات فاقدي امتلاك الموهبة والقدرة على بناء فنهم على أسس، يتعاملون مع المنتج الفني بأسلوب التلقائية، وتخرج تلك الأعمال كيفما تشاء المصادفة، لا كما يهدف إليه مَن يمارسها.
إضافة إلى من تولوا إدارة الفن بشكل غير رسمي دون رقابة، أفراداً كانواً أو جماعات، شكّل بعضهم أهم مسببات التشتت، لعدم وجود استراتيجية أو هدف، وإنما تحقيق مصالح شخصية، ووجدوا تجاوباً وإقبالاً من شباب متحمس باحث عن مساحة لعرض لوحاتهم حتى لو كانت غير مكتملة الخبرة أو التجربة.