محمد المنيف
مَنْ يعُدْ للمعجم العربي فسيعرف معنى ساح وسياحة؛ فلا داعي للتفاصيل؛ ولهذا سأدخل فيما أعنيه، وعلاقة الثقافة بالسياحة، وعلاقة السياحة بالثقافة، اللتين لا يعي الكثير امتزاجهما، وأهمية كل منهما للآخر. والدور الذي تقوم به برامج السياحة في أي دولة في العالم للتعريف بتفاصيل البلد تراثاً وفنوناً وتاريخاً دور لا يمكن أن تقوم به وزارات الثقافة ولا وزارات الإعلام في تلك الدول، ومنها بلادنا، إذا لم تستطع تلك المؤسسات تفعيل ثقافة السياحة، وكيفية مزج العسل بالطحين، وأبقت نشاطها وقتياً وحسب الظروف بناء على برامج متقطعة، تختص بها وزارة الثقافة ضمن خططها الاستراتيجية، ليس فيها ما يكشف تلاحماً أو تمازجاً مع السياحة (رأي شخصي من مواطن عادي).
إن أياً منا حينما يقوم بزيارة لأي من بلاد الله، وخصوصاً إذا كان من الذين تعنيهم السياحة واكتشاف عوالم البلد الذي يزوره، فأول ما يقصده هو مكاتب السياحة أو أكشاك توزيع منشورات وكتيبات المواقع السياحية التي توضع عادة في المطارات، أو في مداخل الفنادق، وأحياناً على المكاتب الصغيرة في غرف النوم في الفنادق ضمن حزمة المنشورات الإعلامية الأخرى.
بهذا الفعل وبهذه السبل نصل إلى ما نعنيه في العنوان، وهو ذوبان وامتزاج الثقافة والفنون في برامج هيئة السياحة في وطننا الحبيب. وقد زادني لقائي بصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن فهد بن ناصر مستشار رئيس هيئة السياحة للسياحة الثقافية معرفة ومعلومات عن الكثير مما نجهله عن وجود اختصاص أو إدارة للسياحة الثقافية، مع قناعة بأن السياحة أهم مرتكزات الثقافة، ونبعها الجذاب. فقد عشت لحظات تمثل محاضرة موجزة، استمعت فيها لسموه الكريم خلال لقاء جمعنا لترتيب إقامة معرض ملتقى جمعية الفنون التشكيلية في المتحف الوطني. تعرفت على مساحة كبيرة من ثقافة هذا الرجل، وخصوصاً في جانب تفعيل الثقافة، وما تعنيه وتصل به إلى عقول الناس، كثقافة حديثة وليدة وجديدة، تعنى بالتراث الذي يعد أهم وأعظم موثق لحضارات الوطن وتاريخه، ومرجعاً للاستلهام البصري بالنسبة للفنانين الفوتوغرافيين أو التشكيليين والأقلام على اختلاف تخصصاتها.
وكما يقال، إن كلاً يغني على ليلاه؛ فقد سعدت بما أضافه سمو الأمير سلطان بن فهد إلى ما نعرفه من اهتمام صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان من متابعة واهتمام بالفنون التشكيلية، وبما اكتشفناه أيضاً من إلمام سمو الأمير سلطان بن فهد بالفن التشكيلي، واتساع أفق معرفته بالمدارس الفنية وأسماء الفنانين وتجاربهم، وبما قدمه في كثير من لقاءاته ببعضهم أو بعض الجهات الخاصة المعنية بالفنون التشكيلية في مختلف مناطق المملكة.
لقد خرجت من الاجتماع الذي جمعني وزملائي من جمعية التشكيليين بنخبة من منسوبي هيئة السياحة، بحضور سمو الأمير سلطان بن فهد - ومنهم الدكتور على العنبر مستشار رئيس هيئة السياحة للسياحة الثقافية، ومدير المتحف الأستاذ جمال عمر، وبقية الحضور - بالكثير من علامات الاستفهام والاعتراف بجهلي بهذا الدور المشرف والكبير للثقافة السياحية، أو العكس، الذي تقوم به هيئة السياحة، وما أبقته هذه الدهشة من حلم ورغبة في أن يكون للفن التشكيلي مساحة من هذه الجهود من خلال جمعية التشكيليين.. حلم أستشف تحقيقه من كل جملة أو عبارة تلقيناها في الاجتماع.