فهد بن جليد
بمجرد أن يجتمع أفراد الأسرة في مناسبة عائلية فإن الجميع يضع (يده على قلبه) أملاً بأن ينتهي هذا التجمع على خير، دون أن يكون هناك صراخ وخلاف، وكأننا نجتمع لنختلف بسبب أن معظم نقاشاتنا وحواراتنا (نواة) لخلاف قادم. هذا في بعض البيوت إن لم يكن في معظمها؟
(أخ عصبي، أب غير مبالٍ، ابن عم «حِقْنَه»، تهكُّم، سوء فهم، توتر، عدم تقبل نقد، ضغط نفسي، تراكمات من أيام الطفولة، بخل عاطفي، شك وريبة، مواقف لم تحسم، مقارنات مادية ووظيفية، زلة لسان، حمل الأمور على غير محملها.. إلخ). والأخطر هو نشوء الخلافات الصامتة؟ وهنا مربط الفرس.
يقال إن العلاقات الأسرية (صندوق أسود)، كناية عن صعوبة (فك طلاسمها)، ومعرفة حقائقها؛ بسبب التعقيدات والتشققات والتراكمات والشفرات التي يمكن أن تجعل الخلاف يدب بين (الإخوان وأبناء العم) لأتفه الأسباب وأبسطها؛ وهو ما جعل بعضنا يرفض اللقاءات العائلية، وينزوي عن التجمعات الأسرية، طمعاً في الحيادية والنأي بالنفس عن مثل هذه التشققات والتصدعات في العلاقة الأسرية؟!
هذا الغبش نتاج طبيعي لغياب الاطمئنان في نوعية العلاقة بين أفراد الأسرة، مع عدم القدرة على الإفصاح عن وجود (خلاف صامت) بسبب نظرة تهكمية، أو كلمة جارحة، أو رأي مخالف.. ورغم أن هذا الخلاف بسيط، وقد لا يعلم به الطرف الآخر، إلا أن معظم الخلافات اللاحقة تُبنى عليه مثل كرة الثلج. والمخجل أن (حله بسيط)، وقد تنتهي الأزمة بتبيان الموقف الصحيح، وإزالة هذا الغبش.. ولكن لا أحد يبادر؟ لأنه ببساطة لا أحد يعلم أنه على خلاف مع الآخر؟!
خطر (الخلافات الصامتة) بين أفراد الأسرة أنها تورَّث من جيل إلى آخر، مثل الخلافات المادية التي تنشأ في الأصل نتيجة إهمال ضبط الديون وكتابتها، أو تحديد الملكيات أو تقسيم التركات. فكما أن الأسرة قد تتصدع بسبب تركة مالية فإن (خلافاً صامتاً) قد يقوم بالمهمة ذاتها؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.