إبراهيم عبدالله العمار
الألماني كارل ماركس، من أشهر فلاسفة السياسة في العصر الحديث. كتب ماركس كتابه «بيان الحزب الشيوعي» والذي لا زال من أشهر الكتب وأثّر على العالم كله، وخاصة في الغرب لما أشعل الكتاب الحركة الماركسية، ومن ثم ظهرت الشيوعية (نوع متطرف من الماركسية) وانقسم العالم لأحزاب رأسمالية وشيوعية ومحايدة، ولا زال الناس يناقشون ويدرسون أفكار ماركس حتى اليوم.
يعلم الناس الكثير عن ماركس مثل أفكاره ومظهره وجنسيته، لكن لا يعلمون شيئاً عجيباً حصل له: لما توفيت زوجته عام 1881م حزن عليها حزناً عظيماً، وما هو إلا قليل حتى ظهر لديه التهاب في الأنف والحلق، اشتد على مر الزمن وأبقاه بصحة سيئة 15 شهراً ثم سبب التهاباً رئوياً أماته.
يا له من تأثير عظيم! تأثير النفس على الجسد. يستهين الكثير من الناس بقوة المشاعر السلبية، فلا يمانع أن يعرض نفسه للضغوط (العمل مثلاً) والمشاكل (كثرة الصراعات مع الآخرين) والغضب وحرق الأعصاب وغالباً في أمور لا تستحق، ولا يدري عن التأثير السيئ لهذا على صحته. انظر مثلاً لمن يبالغون في تشجيع الكرة ويتحمسون ويتعصبون في هذا، فإذا غُلِب فريقه انهالت عليه الأحزان والضغوط وتأثر جسده وصحته، حتى إن دراسة وجدت أن الوفيات تزداد في المدن التي تخسر فرقها الرياضية مباريات هامة.
حتى من لا يتعرض للضغوط عمداً يتأثر، ومن أشهرها قصة يعقوب عليه السلام لما عمي من شدة بكائه على ابنه الفقيد، ومرة أخرى حصل له هذا، فمن شدة فرحته لما أيقن أن ابنه حي استعاد بصره. أحد من أعرفهم أصيب بشلل في نصف جسده السفلي وعجز عن المشي، فأخذوه للطبيب ولم يجد فيه أي علة جسدية، وبعد فترة من الفحوص اكتشفوا أن السبب هو الضغط النفسي، فقد كان يعيش في تلك الفترة ضغوطاً نفسية شديدة من عائلته ومن عمله ومن أناس آخرين، وانهار الجسد تحت وطأة جبل الضغط هذا (استعاد قدرته على المشي بعد فترة).
إنك لو نظرت لأوجه البعض رأيت كذلك تأثير المشاعر والنفسية على الوجه، فبعض الناس من الشباب ترى ملامح الشيخوخة المبكرة على وجهه وتتعجب، فإذا رأيته ينفجر غاضباً كالبركان الثائر على شيء تافه زال العجب.
هناك حالة في علم النفس اسمها «نوبة ذعر»، وهي حالة نفسية تصيب الشخص فجأة ولا يدري سببها، وتسبب زيادة نبضات القلب وحرارة وآلام في الصدر وسرعة التنفس وانتفاض اليدين وإحساساً بالاختناق والتعرّق وأشياء أخرى كثيرة، حتى إن من يصاب بها يفزع ويظن أنه أصيب بنوبة قلبية، وهو لا بأس به، فقط أمر نفسي، لكنه يؤثر على الجسد هذا التأثير المخيف.
لعل هذا الضرر بالصحة واحد من أسباب محافظة الدين على صحتك، فيقول الرسول عليه الصلاة والسلام: لا تغضب. وفي الآية: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ}. وآيات وأحاديث كثيرة أتت في البعد عن الجدال العقيم، والتصبر على المصائب، وحسن الظن بالله، والابتسام، وغير ذلك مما يزيل الهموم ويحمي من الضغوط.
لا تستهن بقوة النفسية على جسدك وعلى حياتك. المشاعر خفية .. لكنها تقدر أن تصرع الجسد المرئي!