ناصر الصِرامي
يظهر المجتمع الدولي اليوم وكأنه الأسوأ في التاريخ الحديث عسكرياً وسياسياً..!
هل هو الرئيس براك أوباما الخطر نسبياً، ربما ؟، أو أنه الاتحاد الأوروبي المتحد نسبياً والمواجه لأزمات اقتصادية كبرى ومهاجرين ومهجرين..؟، أم أنه الإرهاب المنتفع من المستضعفين في الأرض أو الدب الروسي الدموي الذي تجرأ على الطيران خارج حدوده، ووصل إلى الشرق الأوسط، حيث تدمر قاذفاته ما تبقى من سوريا..؟، هل هي الرعونة الثورية الإيرانية الخمينية..؟
أم أسعار البترول..؟، بل ماذا تبقى في المجتمع الدولي يمكن رؤيته كتلة واحدة، أو قدرة أممية إنسانية، وكل ما فيه يوشك على التفكك..؟!
فالعالم الذي كنا نعتقد أنه مثالي ويبحث عن الحلول، لا الحروب المباشرة وغير المباشرة..ربما انتهى أيضاً مثلما كنا نعرفه أو نتوقعه ببساطة..
لكن كل هذه الاستفهامات والتعاليل لا تهم، ما يهم هو الواقع، لم يسبق للعالم أن شاهد هذه الفوضى الكارثية، اللاأخلاقية، لا توجد فوضى خلاقة إلا في عصر الغابة ومحاولة الإنسان البدائي للبقاء، مع الاعتذار لشيخ السياسة العجوز كسنجر!
زعماء هذا العصر، ومجلس الأمن، والأمم المتحدة، لم يخدموا البشر في منطقتنا على الأقل، لكنها أطالت الأزمات وتسببت في خسائر هائلة، واستخدمتها حقلاً للتجارب، والنتيجة، فوضى أشد، ودول فاشلة أكثر.
من العراق وسوريا وليبيا ومصر وتونس.. الخ.. أثبت المجتمع الدولي الحديث أنه أكثر سوءاً في تركيب الحضارة وإعادة البناء والتوافق الإنساني.
ما يحدث في منطقتنا العربية، ولنحو عقد، ودخول أول رجل من أصل إفريقي للبيت الأبيض، كارثة كونية، ولو وضعنا المجهر على منطقتنا العربية والإسلامية، سنجد أن ما فعله أوباما في العالم العربي والإسلامي أكثر مما أحدثه أي رئيس أمريكي أو غربي أو محتل أو مستعمر من خراب..!
بل دعني أذهب أبعد إلى القول إن ما قد يفعله المرشح الجدلي للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب، ولو طرد أو منع دخول المسلمين لبلاده الأمريكية سيكون أقل ضرراً من كل هذا الإرهاب والتهجير وطبول الحرب العالمية الثالثة في الشرق الأوسط..!
دونالد ترامب لن يكون الأسوأ، في أقل الحالات سيكون امتداداً لهذا الفشل، أو قد يخلق المفاجأة، أو قد تتسبب أحداث في صرف انتباهه. لكن هذه ليست القصة الكاملة.. جزء من القصة الحقيقة ملفت أيضاً، حيث حجم المعلومات والتواصل الكوني اليوم في أعلى مستوياته التاريخية، كما الدراسات وتحليل المعلومات وتدفقها. لكن بشكل غير مفهوم - إلا في أروقة نظرية المؤامرة - لم يستطع العالم الحديث والمجتمع الدولي أن يغير أسلوب المواجهة السياسية ومناوراتها، لم يطورها لصالح الإنسانية. بل أصبحت الأزمات، الحروب، التسلط، هي الأسوأ بالصوت والصورة.
السياسة رمال متحركة، لكن ما يحدث اليوم يجعلنا نشك أن الرمال المتحركة هي خارج سطوة السياسة وبياناتها، خارج ما يظهر من تأثير وتنسيق، عقلية المؤامرة تخبرنا دوماً أن من يظهرون في الصورة هم خارجها تماماً..!
لذا قد يكون مفهوماً كيف يبرز هذا التخبط والجهل وبعض الغباء للواجهة.. إنها سخرية تطل علينا من عمق الأحداث ووقعها وتواضع نتائج ما يمكن فعله، وما يحققه اليوم المجتمع الدولي الأسوأ في تاريخ البشرية..
هل نقول مرحباً دونالد ترامب؟.. لماذا لا...؟!