ناصر الصِرامي
تفجير مسجد... قتل مصلين.. عشرات ومئات الركع السجود منهم من قتل، ومنهم من غادر المسجد ببقع الدم التي تغطي ثيابهم البيضاء.. وتلوث طهارتهم!
صور المصاحف متناثرة.. وصفحاتها تغطى بالدم وبأشلاء وبقايا الفعل الإجرامي.. مشهد شبه متكرر وحزين!
ما زالت الصدمة أقوى من أن يستوعبها البعض، وأقل من أن توقظ البعض الآخر.. البعض الذي لن يصحو أبدًا..!
مؤسف أن تكون ردود الفعل لدى البعض بحسب المكان حتى وإن كان دارًا للعبادة...التناقض الطائفي يكون أحيانًا أكبر من الوطن.. وهو أخطر الأعداء وأقربهم، والأكثر تلونًا وحده في الوقت نفسه..!
بل هو الأكثر سوءًا وبلادة وخطرًا.. مع كل هذا الإرهاب والقتل الذي لا يفرق حتى بين مسجد وآخر.. هناك من ينتقى الإدانة لكل عمل إجرامي بحسب المستهدفين، وبحسب الموقع الجغرافي، وبحسب المذهب والدين.. هنا لا يجوز.. وهناك صمت.. وبينهم وطن كبير لا يرى للأسف فالنظر قاصر..!
الأمن القوى يقف بالمرصاد باستمرار لكل هذا العبث الذي يحدث، لكل هذا الإجرام المخطط..
«وطننا مستهدف».. آه.. لم نفهم جيدًا هذا التحذير.. لم نستوعبه جيدًا ونحن نحصى الموتى والمصابين، «الوطن مستهدف».. نتعامل مع هذا التحذير ببلادة أو برود.. نسمعها وقد نرددها كترنيمة مملة!
في ظل هذا الكم من الإرهاب المخيف والقذر.. وبعد هذه السنوات الطويلة، والطويلة جدًا، ونحن نتابع أخبار الإرهاب، ونتابع كيف أن بلدًا أو بقعة في العالم لم تتضرر أبدًا كما تضررت وضربت السعودية من الإرهابيين وجماعاته التكفيرية، ما زال البعض يشك في الاستهداف، ويشك في نوايا جماعات القتل الإرهابية، وحتى في الإرهابيين. ولا زال هناك من يرفع صوته إلى اليوم بأن الإرهابيين مغرر بهم.. بل تخيل هناك من يراهم بأنهم ضحايا.. ضحايا حرية التعبير.. أي تضليل ورومانسية غبية وتدليس هذا!
ليس هذا كل شيء..بل إن التناقض الخطر يجعل البعض يدافع بشراسة، ويغطى بشراسة أيضًا على أصوات الأجساد المتفجرة، وروائحها النتنة.. فيما هو يحرض للضحية التالية، ويرفع نبرة العنصرية والمذهبية والعداوة للآخر..كل الآخر.. خارج دائرته الضيقة، ومستغلاً المنبر - أي منبر- ونوايا الناس الطيبة..!
هذه النوايا التي استغلت مرة بعد مرة بعد مرة، صحيح أنه يجب ألا نغير الناس ليكونوا أكثر ريبة وشكًا، لكن يجب ألا نقبل بالسذاجة المحرضة والمتعاونة مع الإرهاب وجرائمة أبدًا.
لا أحد يمكن أن يحاسب على نواياه، لكن المظاهر التقليدية والخادعة يجب أن تكون جزءًا من الماضي، لم يعد شيء يمنع أي شيء للتحول إلى أداة إرهابية، رجل أو مراهق وحتى المرأة حوّلوها إلى أداة إرهابية لتحمل تحت عباءتها وإقدامها حزام ينسف حياة العشرات بل المئات..
الإرهاب لا دين له.. لا مذهب له.. ولا جنس له أيضًا.. إنه فعل إجرامي يرتكبه ويشارك فيه كل المجرمين والملوثين على هذه الأرض.
تلك الرؤية الضيقة والنوايا الطيبة لم تعد قادرة على معالجة جذرية للإرهاب، لا بد من توسيع حجم المواجهة، تنويع أساليب المقاومة والفحص..
النجاح الأمني الكبير والمميز هو ما يمنحنا الاطمئنان.. هو ما يبقى الوطن متماسكًا باستمرار، مع ذلك هناك من يجرؤ على قتل رجل الأمن الذي يحمينا..يحمى وطننا.. أمننا..!
ووطننا مستهدف، أعداء في الداخل وآخرين في الخارج.. لا يوجد وقت إلا لليقظة ولتحريك كل الوسائل للحماية والتصدي والوقاية.. ضد المنفذين والمبررين والصامتين، والشامتين!
أمام الإرهاب وجنوده لم يبق شيء مستبعد من تفخيخ المؤخرات، إلى قتل المصلين، إلى استهداف الأقارب، إلى الخيانة، واستغلال ستر النساء والأطفال والمراهقين.. استهداف وطننا، جعلهم يحللون كل شيء.. كل شيء بلا استثناء.. نعم وطننا مستهدف!