زكية إبراهيم الحجي
الإعلام بشكل عام قوة ناعمة.. قوة ناعمة في صياغة الوعي المجتمعي وتشكيل ثقافته.. ولأن هذه القوة كثيراً ما تواجه من المعضلات التي تتمدد على مساحات إنتاجها التقنية والمهنية.. إلى معضلات الصراع على مساحات الحرية والاستقلالية أو ارتهانه في قبضة مجموعات لها بعض الرؤى والتوجهات المختلفة.. فإنه بذلك سيعاني قصوراً وارتباكاً في أداء رسالته لكن هذا لا يعني إجحافاً أو قفزاً عن إنجازات يقدمها للمجتمعات والدول والشعوب.
الإعلام بفروعه المتعددة المرئية والمسموعة والمقروءة هو الوعاء اللامادي لنقل المعلومة المعرفية والخبر أياً كان نوعه ومحتواه ومن ثم إعمال قلم الإبداع في جوانبه تحليلاً وتفنيداً واستنتاجاً وقراءة علمية له انطلاقاً من التوسع في مجال الرؤية والتروي كل ذلك لابد أن يتم بحيادية تامة ومع ذكر المصادر المُستقى منها الأخبار.
الكل يعلم بأننا نمر اليوم بمرحلة حساسة وحرجة حيث تفنن الأعداء في ابتكار وتطوير أساليب العداء والهجوم على وطننا وحكومتنا ومجتمعنا.. واتسعت دائرة التحريف والتأويل والاتهامات كذباً وزوراً مما جعل عدداً من وسائل الإعلام المختلفة وخاصة المرئية منها استغلال ذلك وبأساليب متنوعة إما لتكثيف الهجوم أو لتلميع صورة المعتدي وتمجيد أعماله العدائية نحن لا نعير اهتماماً لما يصدر أو يبث من هذه القنوات لأننا نعرف من نحن ولا مزايدة على وطن يحمل همَّ العرب والمسلمين ويسعى بكل إمكاناته إلى لمِّ شمل العرب ولكن ما يحز في النفس أن تحيد بعض القنوات المحسوبة على الوطن عن خط إعلامي بهوية وطنية خاصة في وقت يجب أن يكون فيه إعلامنا بحجم التحديات والحملات الإعلامية التي يواجهها.. وأن يكون إعلاماً مؤثراً في الخصم والعدو لا إعلاماً مسوقاً ممجداً وملمعاً له وأن يكون سباقاً لتفكيك الروايات المزورة والحكايات الملفقة ودحض كل الشائعات التي تهدف إلى تزييف وخداع المجتمعات والشعوب الأخرى.. والأهم من ذلك أن يكون إعلاماً داعماً أساسياً لقوة الوطن وتكاتف المجتمع والتفافه حول قادته وركيزة أساسية في معركة الدفاع عن الوطن.. فالأداء الإعلامي الوطني يجب أن يكون بالتوظيف الأمثل لوسائل الإعلام الوطنية سواء كانت حكومية أو مملوكة لأشخاص بعينهم وألا يكون إعلامنا باباً مفتوحاً على مصراعيه لجوقة طبول تشارك في ضرب من التواطؤ على صنع الأكاذيب أو تسويق للخصم.
أكاد أجزم بأننا اليوم أكثر حاجة لتعرية أصحاب الكذب والتضليل ووضع إستراتيجية إعلامية وطنية الهوية واضحة شفافة تخدم أهدافنا الوطنية وتوثق كل ما يُكتب ويقال من قبل من يستهدف الوطن عبر أفكار معلبة والتصدي بقوة للإعلام الفاسد الذي يخدم الأعداء وإنتاج مناعة إعلامية مضادة تُوظف لكسر شوكة أولئك الذين يدسون السم لتشويه الوجه الحقيقي للمملكة العربية السعودية وعلينا ألا نتهاون في ذلك فما زالت ذاكرة التاريخ تشير إلى أن أغلب الحروب كانت نتاجاً إعلامياً.
الوطن كبير وغلاوته أكبر من كبره.. وعندما تشدو الكلمات به يرددها الجميع ويتردد صداها في الآفاق.