د. خالد محمد باطرفي
أبدى صديقي العراقي حزنه وأعرب عن أسفه للقرار السعودي بسحب الدعم للجيش اللبناني وقوات الأمن الداخلي.
يقول: «أتخيل شعوري لو أن قائدة الأمة العربية والإسلامية اختارت أن تدعم الحكومة العراقية لمواجهة الهيمنة الفارسية التي دمرت بلادنا ونهبت ثرواتنا وفرقت وحدتنا، ثم قررت يوما أن تسحب هذا الدعم بسبب ضعف الحكومة واختطاف قرارها وسيادتها من قبل عملاء إيران. سيؤلمني مثل هذا القرار رغم تفهمي لأسبابه. فقد وقفت بلاد الحرمين الشريفين دوما مع اخوتها العرب والمسلمين، وصمدت رغم الظروف، كجبل لا تهزه ريح، في سوريا ومصر، وامتدت أيديها بالخير والعون للأردن والسودان والمغرب وتونس والصومال، وإلى الدول الإسلامية من باكستان وبنجلاديش إلى جيبوتي وجزر القمر. وكان الأمل أن يستمر العون رغم كل الأعاصير للبنان الشقيق».
قلت له إن لبنان بلد صغير جميل، يضم طوائف سياسية ودينية وعرقية متنوعة، جمعها حبها لبلدها، وثقافتها.. وللحياة. مرة أخرى تجد نفسها تقاتل من أجل حريتها واستقلالها. هذه المرة ليست ضد المستعمر الفرنسي، الذي رغم أجنبيته، ساهم في تطوير البلد وتنميتها، تعليم شعبها ورعايته، وإشاعة روح التسامح والديمقراطية، لكن ضد هيمنة فارسية تحتقر العرب وتحارب العروبة، تثير الفتن وتشعل الطائفية وتبث الكراهية وتعطل التنمية.
فلبنان الذي كان خرج للتو من حرب أهلية مدمرة، وجد قيادة وطنية ملهمة ومخلصة في الرئيس رفيق الحريري، ودعما لا محدودا من السعودية ودول الخليج، وإقبالا غير مسبوق من المستثمر والسائح العربي والخليجي، وبدا على أعتاب طفرة اقتصادية كبرى. لكن هذا النجاح لم يكن ليرضي النظام السوري، وسادته في طهران، وعميلها حزب الله، لأن القبول الشعبي والدولي لمشروع الحريري يهدم عماد مشروعهم لتحويل لبنان إلى محافظة إيرانية، تتبع الولي الفقيه، كما أعلن أمين عام الحزب، حسن نصر الله، في خطاب متلفز.
واليوم، نشهد نجاح المعسكر الفارسي في الهيمنة على البلد العربي الشقيق، بعد اغتيال الرئيس الحريري، وسيطرة نينجا «القمصان السود» على بيروت، وتغلغل كوادر الحزب «الفارسي» في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية.
وهكذا وجدت السعودية أن ما تقدمه لمساعدة لبنان يذهب في الواقع لخدمة المشروع الإيراني. وإذا كان ولا بد، فليدفعوا المغرم، كما نهبوا المغنم، وليتحملوا مسؤولياتهم تجاه الدولة التي احتلوها.
وإن كان من المفهوم سياسة النأي بالنفس عن الخلافات العربية، وتحاشي التصويت ضد سوريا التي تهدد البلد بسيف حلفائها واستخباراتها، فليس من المحتمل وقوف بلد عربي، كلبنان، وحيدا أمام الموقف الدولي والعربي والإسلامي المستهجن لتدخلات إيران في شؤون العرب وإثارتها للفتن والحروب في المنطقة العربية، وتأليبها لشعبها ضد المملكة وبعثاتها الدبلوماسية.
واليوم أمام الزعامات اللبنانية فرصة قد لا تعوض لاستعادة عروبة لبنان وإنقاذه من براثن حزب الإرهاب والمخدرات والعمالة، وكما قاد آباؤهم الثورة السلمية ضد الاستعمار الفرنسي، وقادوا هم ثورة الأرز ضد الاحتلال السوري، فباستطاعتهم قيادة الجماهير العربية لمواجهة المشروع الفارسي. وحينها ستقف معهم الأمة العربية وأشقاؤهم في السعودية والخليج.
إذا كان لبنان بحاجة لصحوة فقد جاء النذير!