د. خالد محمد باطرفي
حذر وليد المعلم، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية النظام السوري، السعودية من إرسال قوات برية لقتال داعش في سوريا بدون الحصول على إذن، وإلا أعتبر غزوا، ووعد بإرسال الجنود السعوديين إلى بلادهم في «توابيت خشبية»!
وفي المقابل، أظهر سادته في إيران شيئاً من التعاطف عندما نصح محمد علي جعفري، قائد الحرس الثوري، السعودية بأن الدخول إلى سوريا انتحار، وخاصة أنها مشغولة على جبهة اليمن. وأعرب عن شكه في قدرة جيشها على الحد من تقدم جيش النظام، مدعيا أن السعوديين ليسوا «شجعانا بما فيه الكفاية» لإتباع القول بالعمل. وإن فعلوها «فسيتم محو قواتهم»، موضحا أسبابه بأن «التاريخ يخبرنا بأن الجيوش ليس لديها أي فرصة في محاربة القوى غير النظامية»، متوقعا لجيشنا مصيرا محتوما!!
قلت لمذيع الحرة الذي طلب مني الرد، أن مثل هذه التصريحات تدهشني، وتساءلت: هل أصبحوا فجأة حريصين على سلامة جنودنا؟ أم أن قلقهم حصريا على مصير داعش؟ ونظراً لأن المعلم والجعفري تمنيا لنا الهلاك، فلم يبق إلا الخوف على داعش.
وطالما أن داعش «رسميا» العدو الأول للطرفين، وروسيا معهم، يحاربونها منذ سنوات بلا نجاح، ألا يفترض أن يفرحوا بأي حرب ضدها، حتى ولو من خصم؟
ثم أن السعودية تقاتل داعش مع التحالف الدولي منذ أكثر من عام، وبعض أعضاء التحالف، كتركيا وأمريكا والأكراد والفرنسيين، دفعوا بقوات برية للقيام بعمليات خاصة. وكذلك فعل الإيرانيون ومليشياتهم الشيعية اللبنانية والأفغانية والباكستانية والعراقية، والروس وغيرهم، بإذن أو بدون. فلماذا الحساسية الشديدة من مشاركة السنة (السعوديون والأتراك)، فقط لا غير!
وإذا كانت سوريا حريصة على شرفها العربي وسيادتها الوطنية وكرامتها القومية، فكيف سمحت لحلفائها الأجانب بالقتال والتفاوض والتمثيل وحتى إدارة الدولة نيابة عنها؟
أضف لهذا كله، أن منطقة داعش ليست أصلا تحت إدارة النظام، ومعظم البلد كذلك، فإدارة بشار وحلفائه لا تحكم أكثر من 14% من سوريا، والمناطق الباقية خارج سيطرتها.
مما سبق يتضح أن قلق المحور «الفارسي-البعثي-الروسي» هو حماية صنيعته (القاعدة - داعش)، التي لم تحاربهم يوما، أو تحارب إسرائيل، وأن الهدف الحقيقي هو تشويه الإسلام السني من خلال الربط بينه وبين الإرهاب، والخلط بين المقاومة الشرعية والإرهابيين، لشرعنة بقاء النظام وكسب التعاطف الدولي معه.
أما حرب اليمن، فإن الحكومة اليمنية بدعم التحالف العربي على أبواب صنعاء بعد أن كان المتمردون على أبواب عدن، وأصبح أكثر من90% من البلد تحت إدارتها، وقد بدأت عملية التنمية والإعمار بالفعل بدعم دول الخليج. قارن هذا النجاح الذي تحقق في أقل من عام مع ما حققه الناتو في سنوات بأفغانستان، وأمريكا في العراق، والتحالف الدولي في سوريا.
بهذا الرصيد من النجاح تستطيع السعودية وحلفاؤها المضي قدما لتوسيع دائرة عاصفة الحزم، وتنقل الحرب مع الإرهابيين إلى جحورهم. وعندما يسقط الغطاء الذي تمثله داعش لرعاتها، سيفقد النظام شرعيته، ويفقد حلفاؤه مبررات وجودهم، وحينها فقط تصبح سوريا خالصة للسوريين، ويضطر المجتمع الدولي لمواجهة وحشية القتل والتدمير الممنهج للبلد وسكانها. هذا ما يخشاه محور الشر، وهذا ما سيتحقق، بإذن الله، شاء من شاء وأبى من أبى!