د. خالد محمد باطرفي
اتصل صديقي المثقف مساعد المطرفي معلقاً على مقالتي الأخيرة، «عاصفة الحزم في سوريا؟ لم لا؟» موضحاً مخاوفه التي يشاركها فيها الكثيرون. يقول: «أتفق معك على عدالة وضرورة دعمنا للشرعية في اليمن، فلولا هذا التدخل الحاسم، لواجهنا اليوم خطراً أعظم من ميلشيات عقائدية تتلقى تعليماتها مباشرة من المرشد الإيراني الأعلى. تخيل لو أننا انتظرنا حتى ترسخ الأقدام وخطوط التموين، لكنا واجهنا الحرس الثوري وحزب الله على حدودنا الجنوبية، بأسلحة تفوق صواريخ سكود والكاتيوشا خطورة، وتعاملنا مع قيادة إيرانية تفاوض من موقع الضغط والتهديد على كل الملفات من سوريا ولبنان إلى السياسات النفطية.
لكن الحرب على داعش في منطقة خطرة، وبعيدة، كسوريا، وضد من يدعون حمل راية الإسلام، أمر آخر يصعب فهمه على كثيرين، ممن كانوا يرجون نهاية سريعة للحرب في اليمن لنتفرغ أكثر للتحديات الاقتصادية والأمنية الداخلية، والمشاريع التنموية. كيف نقنعهم بأننا نستطيع فتح جبهتين عسكريتين، في الوقت الذي يعاني فيه اقتصادنا من هبوط أسعار النفط والإنفاق الحربي والالتزامات الدولية؟»
قلت له: صحيح أن المملكة دولة مسالمة، تنأى بنفسها دوماً عن الصراعات وتتحاشى الحروب. ولكنها عندما تواجه أو يواجه أشقاؤها خطراً وجودياً لا تتردد في الدفاع عن مصالحها ومصالح الأمة. فعلنا ذلك لتوحيد البلاد، ودفاعاً عن حدودها مع اليمن عام 1934م، وعندما فرض على فلسطين التقسيم وعلى الفلسطينين التهجير، شاركنا مع الجيوش العربية لتحرير الأرض المقدسة عام 1948م. كما وقفنا مع مصر ضد العدوان الثلاثي لإسرائيل وفرنسا وبريطانيا بعد تأميم قناة السويس عام 1956م، ودافعنا عن الكويت ضد التهديدات العراقية باحتلالها عام 1961م، وبعد احتلالها عام 1990م. كما رابطنا مع إخواننا الأردنيين والسوريين بعد حرب 1967، 1973 م، وشاركنا في قوات حفظ السلام في لبنان، عام 1989م، ومع قوات درع الجزيرة في البحرين، عام 2011م.
والحرب ضد داعش هي حرب متصلة مع الإرهاب الإيراني وعملائه في المنطقة، سواء أكانوا الحوثيين أم الأحزاب والمليشيات الطائفية أو داعش والقاعدة. فقد اتخذنا قراراً حكيماً لنقل الحرب مع الإرهابيين إلى عقر دارهم، فخير وسيلة للدفاع الهجوم.
هذا ما طالبنا أن يشاركنا فيه المجتمع الدولي لسنوات، ولكن الدول العظمى لم تتحرك إلا عندما طرق الإرهاب والترويع بأبها.
على أن الحملات الجوية، خاصة مع ضعف الجدية وتعدد المصلحية، لم تكف. وحتى لو نجحت ففي النهاية هناك أرض تريد أن تطهرها وتسيطر عليها. هل سنسمح لإيران وأذنابها أن تسيطر وتحكم، كما فعلت في العراق بعد الغزو الأمريكي؟
بدا صديقي مقتنعا، لكنه طلب مني تمرير هذه الرسالة لمن يهمه الأمر. يقول: «هناك من يردد نفس المقولة التي رددوها بعد استعانتنا بالتحالف الدولي لتحرير الكويت، إننا نحارب المسلمين مع الكافرين. وحجتهم اليوم أقوى عند العوام، لأن سوريا غير الكويت، وصدام حسين غير أبي بكر البغدادي. وعليه أقترح أن نبدأ فوراً بحملة توعية شاملة لتوضيح أهداف ومبررات الحرب الجديدة وخطتنا لإنهائها. وأن نستعين بالعلماء والدعاة والمعلمين والمربين والإعلام التقليدي والجديد للوصول إلى عقول وقلوب الشباب وكسب تعاطفهم وإقناعهم».
أتفق مع مساعد المطرفي وآمل أن نبدأ حملتنا لكسب العقول والقلوب أمس وليس غداً.