محمد بن فهد العمران
قبل نهاية شهر ديسمبر الماضي أعلنت شركة رابغ للتكرير والبتروكيماويات (بترورابغ) بشكل مفاجئ تعديل توصية مجلس إدارتها لزيادة رأس المال عن طريق إصدار أسهم حقوق الأولوية؛ لتصبح الزيادة المقترحة بقيمة 9.259 مليار ريال، بدلاً من التوصية السابقة بقيمة 7.035 مليار ريال (أي زيادة جديدة بقيمة 2.224 مليار ريال)، ثم أعلنت الشركة بعد ذلك وقبل نهاية شهر يناير الماضي (أي قبل شهر من الآن) عدم وجود تطورات جوهرية في موضوع التوصية بزيادة رأس المال!!!
قد يبدو الأمر طبيعياً لدى البعض، إلا أن الواقع يشير إلى أن السعر السوقي لسهم شركة بترورابغ يتداول منذ بداية شهر يناير الماضي حتى الآن دون قيمته الاسمية بفارق كبير نسبياً؛ ما يدل على أن فكرة رفع رأس المال بإصدار أسهم حقوق الأولوية من المفهوم المالي والاستثماري ستكون فكرة «غير مجدية» على الإطلاق، حتى لو تم تحديد سعر الطرح للسهم الجديد بالقيمة الاسمية دون علاوة إصدار، على اعتبار أن من مصلحة المستثمر شراء السهم من السوق بدلاً من الاكتتاب فيه. علماً بأن الشركة من جانب آخر ستواجه مصاعب كبيرة وربما مستحيلة في إيجاد متعهد للتغطية ولو كان ذلك بتكاليف مرتفعة نتيجة للمخاطر العالية التي سيتحملها متعهد التغطية!!
المشكلة أنه لم يصدر من مجلس إدارة الشركة أي شيء، وهذا بدوره أبرز مشكلة أخرى أكبر وأخطر من سابقتها، تتمثل في انخفاض العائد على الأصول. ويبدو لي أن حالة الصمت التي ينتهجها مجلس الإدارة حالياً سببها أن الخسائر المتراكمة للشركة لا تكفي لإعادة سعر السهم السوقي لأعلى من قيمته الاسمية فيما لو تمت التوصية بتخفيض رأس المال؛ إذ إن الخسائر المتراكمة تمثل نسبة لا تتعدى 6 في المئة فقط بالنسبة لرأس المال بينما السعر السوقي للسهم يتداول بأقل من 10 في المئة من القيمة الاسمية للسهم؛ ما يعني أن الخيارات المتاحة هي إما تأجيل الاكتتاب (وربما إلغاؤه)، أو تحسين الربحية، أو تعميق الخسائر حتى تصل للمستوى الذي سيبرر إعدامها لاحقاً!!!!
نعود لمشكلة انخفاض العائد على الأصول، فهي - مع الأسف - ظاهرة تعاني منها العديد من الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية؛ إذ لم تبرز بشكل واضح سابقاً بسبب ارتفاع تقييمات أسعار الأسهم، إلا أنه مع الانخفاض الحالي للتقييمات برزت هذه الظاهرة بوضوح من خلال أسهم بعض الشركات «الكبرى والمتوسطة» التي تتداول الآن بشكل غريب جداً بأقل من قيمتها الاسمية رغم عدم وجود خسائر متراكمة في قوائمها المالية، كما هو الحال مع شركات التصنيع وكيمانول والصحراء، التي حتماً لا تستطيع الآن استخدام حقها في رفع رأس المال من خلال أسهم حقوق الأولوية.