سعد بن عبدالقادر القويعي
تُعد مناورة رعد الشمال البرية، والبحرية، والجوية، والتي ثار حولها الكثير من الجدل السياسي، والإستراتيجي -على مدار الأيام القليلة الماضية-، إحدى أكبر علميات المناورة في المنطقة -عدداً وعدة-، بقيادة السعودية، والأكبر بين القوات المشاركة، التي تمثل عدداً كبيراً من الدول العربية، والإسلامية؛ من أجل الحفاظ على الأمن القومي لدول المنطقة، ورفع الجاهزية القتالية لديها، من خلال تنسيق العمليات المشتركة بين القوات المشاركة.
تحمل المناورة عدة دلالات، من أهمها: اختيار دقة التوقيت؛ بسبب ما تمر به المنطقة من أنواء سياسية، ومؤامرات إيرانية ضد الدول العربية، سبّب في تهديد أمنها القومي، -إضافة- إلى دق ناقوس خطر إرهاب التنظيمات التكفيرية، والدول الداعمة لها، والتي تنامت نظراً لسلبية المجتمع الدولي في التعامل معها، والعمل على مواجهته بجميع أشكاله، وأنواعه. كما أن من الدلالات: توحد الرؤى الإستراتيجية لكل الدول المشاركة العربية، والإسلامية في مواجهة الأطماع الفارسية في سوريا، والعراق، واليمن، ولبنان، والصومال، وتشديد الحصار على دورها في الساحة السياسية العربية، والعالمية، والتي تحاول من خلاله السيطرة على المنطقة؛ لبسط نفوذها، ونظامها المستبد والإرهابي.
أهم رسالة صريحة تحمل في مضمونها الكثير -في تقديري-، أنها موجهة إلى إيران، وتحجيم الدور العسكري لها في المنطقة، وإلى الدول الإقليمية الداعمة لها، بأن أي نوايا سيئة ستواجه بحزم.
وهي تؤكد -في ذات الوقت- على أن السعودية، ومن معها من دول عربية، وإسلامية ما هم إلا دعاة سلم، وسلام، وليست قوات معادية، أو معتدية، تدافع عن حقها، وتحمي شرعيتها، وحدودها، دون أن تبادر بالاعتداء على الآخرين.
في ظل أي تهديد محتمل قد تشهده المنطقة العربية -في الآونة الأخيرة-؛ نظراً للعديد من التطورات السياسية الأمنية، والعسكرية، والتي لم يسبق لها مثيل من عدم استقرار يهيمن على المنطقة، وتطورات ميدانية سريعة في سوريا، وتوترات إقليمية، ودولية غير مسبوقة في المنطقة، تأتي هذه مناورة رعد الشمال؛ لبث رسالة رعب ضد من يحاول الاعتداء على الأراضي العربية، باعتبارها نقلة نوعية في إستراتيجية حماية المنطقة، وبجهود إقليمية بدلاً من التحالفات الدولية، والعمل على مواصلة مساعي تأسيس تحالف أوسع؛ لمواجهة الإرهاب، والأطماع الخارجية.
إن وحدة المصير المشترك، ومفهوم الأمن المتكامل لمنطقة متماسكة، ومحصنة ضد أي قوة خارجية، يستلزم -بلا شك- اتخاذ القرار السيادي، وتحديد المصير، واتباع الإجراءات التي تضمن لها وحدة أراضيها، -وبالتالي- فإن أي اعتداء على أية دولة من الدول العربية، والإسلامية، هو بمثابة اعتداء على الجميع، وأن محاولات التدخل من قبل أي جهة في الشئون الداخلية لأي دولة، هو تدخل في الشئون الداخلية؛ -وبناء على ذلك- يمكن بلورة صوغ واقعي للأمن الوطني لكافة تلك الدول.