خالد بن حمد المالك
التركيز على داعش في محاربة الإرهاب، دون إعطاء أي اعتبار للدولة الحاضنة للإرهاب، لن يساعد في القضاء على الإرهاب وإن قضى على داعش، فالأسماء قد تتغيَّر ومثلها الأشخاص، ويبقى الحضن الدافئ الذي يتوالد منه الإرهابيون، ويتكاثر شرهم، وتنمو الفرص أمامهم للإضرار بالبشر، فقد غاب تنظيم القاعدة ولم يعد له ذكر، ليفاجأ العالم بما هو أسوأ وهو تنظيم داعش، وبالبغدادي بديلاً لأسامة بن لادن، وبالتواجد في سوريا عوضاً عن أفغانستان وهكذا.
***
الحل لا يأتي من تجاهل المصدر، والمعالجة لا تتم وهناك من يتجنب الإشارة إلى الممول والداعم الحقيقي للإرهاب، بينما العمل الجدي الحقيقي إنما يأتي من تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية حتى تجتث هذه التنظيمات وهذه العناصر من قواعدها، ولن يكون بمقدور العالم أن يقوم بمسؤوليته في دحر هذه التنظيمات الإرهابية وإيران تدعمها على الملأ وتوفر لها الملاذ الآمن، دون أن تتحدث دول العالم عن هذا الموقف المشبوه لإيران، بينما تعقد المؤتمرات والتحالفات ويتم الحديث عن فرضيات للقضاء على الإرهاب دون أن يأتي الحديث إلى رأس الأفعى وهو إيران.
***
وإذا كان العالم مصمماً فعلاً على القضاء على الإرهاب، وصادقاً في توجهاته تلك، فإن نجاحه المؤكد والسريع، يعتمد على إيصال رسالة واضحة وصريحة وقوية إلى إيران بأن تكف عن دعم داعش، وعن دعم الإرهابيين، وأن عليها الابتعاد عن أي تدخل في الشأن الداخلي في الدول الأخرى من شأنه أن يوفر فرصاً لتنامي الإرهاب، وأن تتم مراقبة سلوك طهران في تعاطيها مع الإرهاب، سواء في سوريا أو العراق أو اليمن أو البحرين أو المملكة وباقي دول الخليج، وسواء كان هذا الدعم بالسلاح أو المال أو الإعلام، أو التدريب.
***
بغير هذا، فأي تعاون دولي - وإن كان مُرحباً به - سيكون ناقصاً ومبتوراً ودون مستوى تحقيق الهدف، وستكون تكاليفه أكثر، ونتائجه أقل، لأن جزءاً رئيساً من تنامي الإرهاب ما زال منبعه ومصدره مسنوداً من دول، ومحمياً من أن يكون عرضة لبحثه على طاولة الاجتماعات الدولية، بما وفر هذا التعامل بيئة مناسبة عزّزت من وجود الإرهاب، وفتحت الطريق لعناصره في العبث بأمن واستقرار وحياة الناس، بينما يغيب الفاعل الحقيقي عن المشهد، ويتوارى عن الأنظار، ولا يتحمّل وزر ما يقوم به الإرهابيون، فيما هو المحرك الحقيقي والفاعل والمظلة الداعمة، وهو ما لا تتجاسر بعض الدول من أن تتفوّه باسمه، أو تقول كلمة إدانة عنه، أو تسعى إلى تجريم ما يفعله ولو بالقول لا بالفعل.
***
نقدِّر اهتمام العالم بخطورة الإرهاب، ونتفهّم حرص دول العالم على التنسيق فيما بينها، وتوصلها أخيراً إلى قناعات بأنه لا سبيل للقضاء عليه بدون مثل هذا التنسيق، غير أن الخطط والتخطيط والآليات وتكرار الاجتماعات لن تكون كافية للتصدي للمنظمات الإرهابية، وإذا ما أريد تجسير هذا الجهد، وتعزيز هذا الموقف، والتسريع في إلحاق الهزيمة بالإرهاب، فإن العمل المكمل، والقوة الإضافية تأتي من تحديد هوية المنظم والداعم لهذا الأخطبوط وهي إيران لا غيرها، وهذا ثابت بالأدلة القاطعة غير القابلة للتشكيك.