خالد بن حمد المالك
في كل مرة أقرأ للزميلة كوثر الأربش -كمثال- لأقارنها بغيرها، وهي المواطنة التي تكتب بحبر الوطن، وتنشر بواقعية وإيمان وشعور بالمسؤولية مستلهمة أفكارها ورؤاها من رمضاء صحراء الوطن، وتعبر بما تعتقده وتؤمن به عن حبها للوطن، وتقول عنه -وهي المرأة والكاتبة المسلمة ذات المذهب الشيعي- ما لا يمكن أن يعرف القارئ إلى أي مذهب تنتمي إليه، وهو ما يثير إعجابي وتقديري، لكونها اختارت الطريق الأمثل والأصح للبوح عن المبادىء والقيم والتصالح والحب التي يتوق إليها فكرها وقلمها في كل كلمة تكتبها عن المملكة والتحديات التي تواجهها.
***
امتد الإرهاب إلى ابنها -رحمه الله-، فاستشهد -ضمن آخرين من الأبرياء- وهو في ريعان شبابه، فانكسر خاطرها، وبكته، ومسها الحزن إلى اليوم وإلى ما شاء الله، فلم تغير من قناعاتها، ولم تبدل من دفاعها عن الوطن، ولم يهزمها هذا العمل الإرهابي الجبان بقتل فلذة كبدها، وقرة عينيها، بل زادها إصراراً على المضي بذات الطريق وإلى نفس الهدف في الدفاع عن الوطن، وعدم مسايرة من يريد لها أن تبدل وتغير من مواقفها لينسجم مع مواقفهم.
***
حمّلت إيران صراحة ودائماً في كثير من مقالاتها -وقلة من يفعل ذلك من أبناء وبنات جلدتها- هذه الجرائم التي ترتكب في حق الوطن والمواطنين، ولم تجامل أو تداهن أو تنافق، وظلت ممسكة ومتمسكة بقناعتها، فلم تجر إلى الفئات والمجاميع والمنظمات التي تريد أن تمس الفوضى بلادنا، وأن يضرب الإرهاب خاصرة الوطن، بل بقيت صامدة وقوية وثابتة وحريصة على مواجهة التحديات بمثل ما هي عليه، وأن لا يشوب مواقفها ما يمكن أن توصف به على أنها مواقف حيادية أو صامتة أو ضبابية أو مهادنة، مثلما يفعل بعضهم ليتجنب الإشارة إلى إيران، ولو بالعتب، فضلاً عن أن يدينها ويجرمها فيما يكتبه من كلمات.
***
لقد قبل بعضهم لنفسه أن يوقف مداد قلمه عن المشاركة بأي كلمة تجنباً لتحميل إيران المسؤولية في الإرهاب الذي يضرب دول المنطقة، واختار الغياب والتوقف عن الكتابة مع قدرته على ذلك، وكأن عليه من باب الولاء لإيران أن يكون في موقف المحايد من المؤامرات التي تمس استقرار المملكة، وكل ذلك ليتجنب الإشارة - ولو الإشارة - إلى دور إيران في كل ما تمر به دول المنطقة من إرهاب صنعته فلم يمسها هذا الإرهاب ولو لمرة واحدة فقط، كما مس المملكة مرات ومرات ما يؤكد ضلوعها في كل ما يحدث.
***
مقالات كوثر في صحيفة الجزيرة، أنظر إليها وأقرؤها وأجيز نشرها وأراها إدانة صريحة للمتخاذلين من أبناء جلدتها، وضربة قوية تثبت عوار بعض الأقلام السعودية المشبوهة، ودرساً لهم عن أبجديات الولاء للوطن، ودعوة غير مباشرة لهؤلاء الذين يعتقدون أن الولاء يجب أن يكون للمذهب لا للوطن، ولإيران لا للمملكة، وكأن هناك عداء بين المذهب ووطننا، كما هي رؤية وتبني ولاية الفقيه في إيران، بدليل دعمها ومساندتها لكل عمل طالما أنه يؤذي المملكة ويمس أمنها واستقرارها.