سلمان بن محمد العُمري
كشف وزير الشؤون الاجتماعية دكتور ماجد القصبي أنّه تم خلال العام المنصرم 1436هـ ضبط 21 ألف متسول، 9 في المائة منهم سعوديون، مشيراً في لقائه الذي تم في مجلس الشورى أن وزارته تولي مهام ليست من اختصاصاتها ذكر منها «التسوّل»!!
أتّفق معك معالي الوزير أنّ وزارة الشؤون الاجتماعية ليس من مهامها مطاردة المتسوّلين، ولا متابعتهم ميدانياً لأنها بإمكاناتها المخصصة لمكافحة التسوّل في المملكة لا تستطيع مطاردة ومحاصرة المتسوّلين في مدينة الرياض!!
في مجلس خاص حضره الأمير الهمام صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض سألته عمّا إذا كان للشرطة دور في متابعة المتسوّلين في العاصمة، فأجاب على الفور: نعم، إنها جزء من مسؤولياتهم، وعمّد مباشرةً مدير إدارة الدوريات الأمنية اللواء عيد العتيبي بالملحوظات التي لدي عن التسوّل والمتسوّلين في مدينة الرياض تحديداً.
وتفاعل الأمير فيصل الإداري المحنّك ليس بغريب فهو يتابع كلّ صغيرة وكبيرة في المنطقة ومن تعامل معه عن قرب يعرف الدّقّة والحرص على الانضباطيّة في العمل التي أهملها -مع الأسف الشديد- كثير من المسؤولين!!
أعود إلى الدوريات الأمنيّة وقائدها ذو الأخلاق العالية اللواء عيد العتيبي وقدّم ما يستطيع في كل ملحوظة قدمتها له، وكلّف أحد الضباط الميدانيّين بمتابعة مثل هذه الأمور معي.
المهم خلصت إلى شيء أن قضيّة التسوّل والمتسوّلين تحتاج إلى فرق متخصصّة لوحدها لمتابعة المصائب الكبيرة التي تخرج من عباءة التسوّل من غسيل للأموال، وتجارة في المخدرات، ودعارة، وسحر، وغيره.
إن التسوّل قضية غير منتهية حتى تاريخه على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذل من أجل إزالتها والتخلص منها كونها عملية بعيدة عن روح الإسلام، وتحمل معاني بعيدة عن الحضارة والسلوك الحضاري بشكل كبير، إنها تخرج من باب لتعود من الشباك بأشكال عديدة وأنماط لا تخفى على أحد، وخصوصاً أن بلادنا الحبيبة بما حباها الله من خيرات صارت مطمعاً لكل أولئك ذوي النفوس الضعيفة والأطماع الكبيرة والجشع المستمر، وهي ليست مقتصرة على منطقة معيّنة بذاتها في المملكة، بل تكثر في مناطق وتقل في أخرى، يعرفها المتسوّلين أكثر من غيرهم.
البعض يمتطي جواد التسول، وهو لا يهدف من وراء ذلك إلا لجمع المال والثروة، وهؤلاء يستغلون كل مناسبة وكل شاردة وواردة من أجل الحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب، فتراهم مرة يتصنعون المرض، وتارة يعزفون على أوتار الإعاقات ومرة يستجدون الناس وحيناً يكذبون ويخادعون، وما أكثرهم في مواسم الخيرات والعطاء، حتى الفنادق الكبرى، والأعراس والمستشفيات الكبرى. ناهيك عن أماكن العزاء.
وما دام أنّ الغالبيّة العظمى من المتسوّلين هم من غير السعوديّين فلماذا لا يرحلون إلى بلدانهم، وأبناء الوطن تدرس حالتهم ويقدّم لهم العون والمساعدة وفق ما لدى وزارة الشؤون الاجتماعية من برامج مخصّصة لذلك. أما غير السعودي فيجب عدم التردّد بالترحيل بالإبعاد لأنّه قد تكون المخاطر أكبر من قضية تسوّل!!
إننا نأمل من الجهات المسؤولة بأن تأخذ دورها بشكل يبعث الاطمئنان، وأن تأخذ المسألة بمحمل الجد، لا سيما إذا علمنا أن القضية قد تكون مرتبطة بعصابات منظمة، ويقف خلفها من يوجهها بشكل أشبه ما يكون بأعمال المافيا وعلى هذا فإن الأمر يجب أن يدرس، ويوضع بإطاره الصحيح، وتوضع الخطط المناسبة لحلها، والخلاص منها بشكل جذري سواء كانت عملاً إفرادياً أو مخططاً ومنظماً حتى يتم اجتثاث القضية بشكل نهائي.
قضية أطرحها لتوضع على بساط البحث والتنفيذ، لانني أعلم أن الهمم عالية عند الأطراف ذات العلاقة، وأمن الوطن والزائر فوق كل اعتبار، وأملنا كبير بأن نرى الثمار على أرض الواقع قريباً جداً، وبهذا الخصوص أناشد كل الإخوة المواطنين والضيوف بأن يتعاونوا مع الأجهزة المعنية بالإبلاغ عن كل حالات التسول، وبتضافر الجهود والتعاون المطلوب يتحقق الهدف الطيب.