رقية الهويريني
استخدم المجتمع سطوته وسعى لإجهاض أول تجربة سياسية تدخلها المرأة عبر صناديق الاقتراع في المجالس البلدية! حين تفاجأ الرجل بدخولها للمجلس بقوة بعد فوز سيدات ببعض المقاعد عن طريق انتخابات جادة ونزيهة.
وفيما تلّوح إحدى العضوات بالاستقالة من عضوية المجلس البلدي في جدة بسبب رفض بعض الأعضاء من الرجال جلوس السيدات معهم حول طاولة الاجتماع؛ تزداد الحلقة ضيقاً حولهن بتعزيز وزارة الشؤون البلدية والقروية لطلب الأعضاء وفرض بقائهن بعيداً عن غرفة الاجتماعات وفي مكان قصي بدعوى عدم الاختلاط!!
فهل حقاً لم يكن المجتمع على استعداد لهذه المرحلة المفصلية الجريئة التي أقرتها وباركتها الإرادة السياسية؟ أم أن تلك الإرادة خذلت المرأة وتخلت عنها وتركتها فريسة لنظرة دونية يمارسها المجتمع في كل سانحة؟ وليت الأمر ظل حبيس الفكرة ولم يسمح للمرأة بخوض الانتخابات البلدية والمشاركة السياسية طالما وصلت الأمور لهذا الحد من التهميش ودون ضمان لمكانة تليق بها وتركها لوحشية المجتمع الذكوري، بالرغم من نجاحها في مجلس الشورى ومشاركتها الفعالة في المنظمات العالمية!
وكثيراً ما أتساءل بحرقة: أو كلما حصلت المرأة على مكسب، تخسره بتكالب المجتمع وقسوته عليها؟!
يبدو أن أمام المرأة السعودية الكثير من العقبات والعديد من التحديات لتتمكن من إثبات أهليتها وتكسب حقوقها السياسية وقبلها الاجتماعية! وما يوجع أكثر هو عدم حصولها على حقوقها العدلية! حيث أصدر أحد القضاة مؤخراً حكماً يقضي بسجن زوج ثمان سنوات لقتله زوجته القاصر بعد ضربها مما أدى لتفتت كبدها، برغم أن حكم الله هو القتل «النفس بالنفس»! كما تدخّل أمير عسير برفع الظلم عن معنفة بيشة من لدن زوجها ومنحها الأمير فيصل بن خالد حريتها وحقها برعاية أبنائها.
ويبرز السؤال المحير: هل ستظل المرأة السعودية في صراع مرير مع الرجل القاسي الظالم وسط صمت اجتماعي بدلاً من قيام حياة شراكة وتكامل وتناغم كما أرادها الله وأقرتها جميع القوانين الدولية؟
إن استمرارنا في المطالبة بحقوق المرأة يحصرنا في قضية واحدة، ويشغلنا عن غيرها، ويُشعر المتابع لإيقاع حياتنا السعودية بأننا نقسو على الرجل ونتجنى عليه، وفي صراع دائم معه، بالرغم من وجود رجال نبلاء تحكمهم الشهامة والمروءة والإنسانية، ولكن في الوجه الجميل تبدو البثور، فتؤثر على الحُسن، وتدمر الصفاء!