رقية الهويريني
منذ عام 2008م بلغ عدد الأطفال الذين أجبروا على الفرار من ديارهم 18 مليون طفل سواء لاجئين عبروا الحدود الدولية أو نازحين في داخل بلدانهم! ويتعرض الأطفال خلال النزوح للسجن والاغتصاب والتشويه، بل ويُقتلون، مما سيؤدي للهشاشة في المجتمعات لعقود طويلة.
ولا شك أن آثار الحرب على صغار السن مدمرة لهم ولأسرهم، وهم أكثر فئة تأذياً وتشتتاً وضياعاً، برغم أن الطفل هو الأكثر حاجة لأسرة ومجتمع محلي يوفران له بيئة ملائمة تؤمن له الرعاية والحماية والأمن النفسي؛ إلا أن النزاعات المسلحة تمزق شمل العائلات مما يُرغم آلاف الأطفال على إعالة أنفسهم ورعاية أشقائهم الصغار!
وأسوأ ما ينتج عن الحروب هو التضحية بالأطفال، دون مراعاة لبراءتهم التي ستتلوّث حتماً بالدماء والحقد. وعادة تفقد القيم الإنسانية معانيها الحقيقية في أوقات الحروب وتحلّ قيم الانتقام والقتل والتصفية، وفي وسطها يعتاد الأطفال على مشاهد القتل الوحشيّة، حين يغرقون في وحل السلاح.
ويتزايد استغلال الأطفال أثناء النزاعات المسلحة ليسدوا النقص في العناصر العسكرية، ويتخذ الاستغلال أشكالاً متنوعة مثل تجنيدهم لغايات حربية وفي مهام ميدانيّة وعسكرية، ويزج بهم في أتون الحرب حيث يتم تجنيدهم من القوات المسلحة أو الجماعات الإرهابية لجعلهم دروعاً بشرية أو يبقون رهن الاحتجاز، أو العمل القسري أو العبودية في الحالات القصوى، ويظهر جلياً الاتجار بالأطفال لأغراض مثل التبني غير المشروع.
والمقلق هو أن يفقد الأطفال في هذا الجيل براءتهم، مما ينذر باحتمالية أن يكون المستقبل مزروعاً بالكثير من الألغام الموقوتة التي ستنفجر تباعاً، لأن أولئك الأطفال ممن أُجبروا على حمل السلاح وخاضوا المعارك القذرة إما أن يتحولوا لحاقدين أشرار بسبب ما تعرضوا له من عنف وقسوة وتهديد، أو سيكونوا متحكمين برقاب الناس وممسكين بزمام الأمور، لأنّهم عاشوا وسط ظروف القتل والانتقام، ومارسوا إرواء الغرائز العدوانية والهمجية دون أي ضوابط أو رادع، في ظل حرمانهم من الرعاية الأسرية وحنانها، أو افتقارهم للعلم والمعرفة والتربية والتوعية المطلوبة. وإن لم تتداركهم عناية الله أو يتم إنقاذهم من حماقة تجار السلاح وشراسة المعارك والقتال، وانتشالهم من مستنقعات الحروب؛ فإنهم سيتحولون لقنابل موقوتة.
وهو ما يجدر بمنظمة رعاية الطفولة والجمعيات المتخصصة السعي لتأثيم المس ببراءة الأطفال، وتجريم العبث بصفائها ونقائها.