د. خالد محمد باطرفي
أحن كثيراً إلى أيام الدراسة، وأحلم بعودة إلى كلية الصحافة بجامعة أوريجن الأمريكية، حيث كنت أدعى لمناقشة قضايا الشرق الأوسط أكاديمياً وإعلامياً، فأحاول توضيح ملابساتها، رغم أنها لم تصل إلى ما وصلت إليه اليوم من تعقيد.
والبارحة تخيّلت نفسي وقد عدت لأرد على أسئلة باحث بشأن قضية إسقاط طائرة إف 16 التركية للقاذفة الروسية سيخوي 24. ونظراً لكثرة الأسئلة ومحدودية المساحة سأخصص للإجابات المقالة القادمة.
1. تصر تركيا على أن قواتها الجوية لم تتعرَّف على هوية القاذفة، وأجد صعوبة في فهم ذلك، فبحكم قرب المسافة أما كان باستطاعة الطيارين الأتراك أن يروا أنها روسية، أو يتوقّعوا ذلك، طالما تكرّر الاختراق من قبل؟
2. أكدت تركيا أنها حذَّرت الطائرتين الروسيتين عشر مرات في خمس دقائق، فعادت طائرة وواصلت الأخرى حتى تجاوزت الحدود. ووفقاً لقواعد الاشتباك العسكرية المعتمدة من حلف شمال الأطلسي، فإن الأتراك كانوا بحاجة إلى مرات أقل ووقت أقصر قبل أن يصبح من حقهم إسقاط الطائرة، فيما يصر الروس أنهم لم يسمعوا الإنذار.
طالما أن الإنذار على ترددات مفتوحة، فلماذا لم يتقدَّم أي طرف بشكل رسمي لتأكيد ذلك؟ وخصوصاً أن السماء السورية ومنطقة البحر الأبيض المتوسط المجاورة كانت تزدحم بالطائرات المدنية والعسكرية.
3. يؤكّد الأتراك أنهم أسقطوا القاذفة في مجالهم الجوي، رغم أن من حقهم أن يسقطوها قبل الدخول، طالما لم تعرِّف بنفسها أو تستجيب للإنذار، فيما تصر روسيا على أن الطائرة أسقطت على بعد كيلومتر واحد من الحدود التركية.
والسؤال، في ظل وجود قوات أكثر من ستين دولة، من بينها دول عظمى ودول إقليمية كبيرة، لها مراصد استخبارية متقدِّمة على الأرض وفي السماء، ألم تتوافر صور من الأقمار الصناعية والرادارات أو تسجيلات صوتية تكشف لنا حقيقة ما حدث؟
4. تقول تركيا إن بعض أجزاء الطائرة سقط على أراضيها. أليس بالإمكان تقديم هذه الأجزاء كإثبات على التجاوز؟ أو تقديم تفسير علمي من جهة دولية محايدة لكيفية سقوط الأجزاء على جانبي الحدود؟
5. يؤكِّد حلف الأطلسي الرواية التركية، ويقف الحلف والرئيس الأمريكي مع حق تركيا في الدفاع عن أجوائها، فلماذا لم تتقدَّم لا أمريكا ولا الحلف الأطلسي بما لديها من أدلة سواء إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، أو إلى الإعلام لحسم الجدل؟
6. بدأت تركيا خطابها بنبرة هادئة، ورفعتها مع النبرة الروسية الغاضبة، ثم تنازلت إلى درجة التعبير عن الحزن والأسف، والآن تعود النبرة إلى الارتفاع من جديد، مع السعي للتهدئة. هل لتهديدات روسيا وضغوطها الاقتصادية والسياسية دور في ذلك؟ أما أن الموقف التركي يعلو ويهبط متوافقاً مع الدعم الأطلنطي والأمريكي لها؟
7. تركيا عضو بارز في منظمة التعاون الإسلامي ولها حلفاء وأصدقاء في العالم العربي، فلماذا لم تصدر أي بيانات تأييد لها، أو تعقد جلسات طارئة للمنظمة أو جامعة الدول العربية؟ هل هناك جهود خلف الكواليس؟ أم أن أحداً لا يريد الولوغ في المعمعة؟
8. لماذا لم تسع أطراف أو منظمات دولية للتوسط بين البلدين؟ أين إعلان أمين عام الأمم المتحدة المعهود عن القلق، والوساطات المعتادة بين أطراف النزاع؟ أم منظمته تعتبر ما حدث قليل الأهمية، أو خارج نطاق الاختصاص؟
9. هل تم التشاور مع الناتو قبل إسقاط الطائرة؟
10. هل تم أخذ موافقة القيادة السياسية التركية (رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء) مسبقاً؟ أم أن القيادة العسكرية اتخذت القرار بدون تشاور لإحراج الرئيس وحكومته؟