رجاء العتيبي
بات من الضروري وجــود معيار (الكاريزما) في اختيار القيادات في المؤسســـات الجماهيريـــة، مثل: الجمعيات، والأنديـــــة، والقنوات، والصحافة، والرياضة، والسياسة، فالشخصية التي تملك (صفات جذابة) يمكن أن تكون (ملهِمة) للآخرين، وقادرة على التحفيز، وتحظى بقناعة الناس بها.
والكاريزما (Charisma) منحة ربانية، ومن جانب يمكن اكتسابها عند كثير من الباحثين، وتعني بصفة عامة الجاذبية المقنعة أو السحر الذي تمكّن المسؤول من التأثير في الآخرين لقناعتهم به، وأول من استخدمها ونظّر لها عالم الإدارة الشهير (ماكس فيبر) مؤكداً على أهميتها في ترشيح المسؤولين في مختلف القطاعات الإدارية.
وإذا تم ترشيح شخصية (عادية) أو (منطوية) أو (كسولة) أو تحب (الوحدة) أو تفتقد (للحضور) و(تتوه) بسرعة وسط الزحام، فإنّ ذلك سينسحب على المؤسسة (حكومي / أهلي) وتصبح هي الأخرى (عادية) ومنزوية عن الآخرين ومؤسسة كسولة وبدون علاقات، فإذا كانت الشخصية الجذابة للمسؤول تشع نوراً، وذات علاقات واسعة، يجعل الناس تلتفت له ولكل ما له علاقة به ويسعدون بالتحدث معه وإليه ويفتخرون بالتعرف عليه، بخلاف الشخصية العادية التي تسبب ابتعاد الناس عنه وعن مؤسسته فيفتقد مبنى المؤسسة إلى (كيمياء) العلاقات مع الآخرين، وهذا هو السر الخفي في هبوط مستوى وسمعة بعض المؤسسات الجماهيرية، السبب يعود لقائدها (الباهت جداً).
هذا المعيار لو أخذت المؤسسات الجماهيرية به، وركزت عليه، لانصلح حالها كثيراً، ولو لم تكن له أهميته لما جعله الغرب معياراً أساسياً في الترشيح لكل منصب جماهيري، فعلى سبيل المثال شاهد المتحدثين الرسميين في مجال السياسة، تجدهم أقرب إلى صفات (أبطال) هوليوود على مستوى القوام والعيون والأنف والشعر والتناسق والإيماءات والكلام والهدوء واللباقة والاحترام.
إذا لم يكن هذا المعيار واضحاً ومكتوباً في سياسات المؤسسة الجماهيرية، ومنفذاً بدقة، فإنّ اجتهاد المسؤولين في هذا المؤسسة لن يأتي بنتيجة، لأنّ المعايير والمنافع الشخصية هي التي ستطغى على الترشيح والاختيار، وهذه واحدة من أزمات الإدارة في العالم العربي قاطبة.