مهدي العبار العنزي
برزت وبكل أسف في عالمنا اليوم أصوات نشاز تعتبر أن التشدد والتعصب والتكبر والتبذير والإسراف والمباهاة نوعاً من أنواع القيم، وهناك البعض من شباب الأمة ممن يدّعون الإسلام يعتقدون أن في أعمال الشر
وقتل الأبرياء وسفك الدماء وترويع الآمنين وانتهاك المحرمات وإزهاق الأرواح يعني التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، ولم يعلموا أنه جل وعلا دعانا إلى الرحمة وإلى السماحة وإلى المودة وإلى الوحدة وإلى العطف وإلى روح التقارب والرفق والتشاور والتناصح عندما خاطب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قال سبحانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (159) سورة آل عمران، هذه هي المنهجية التي أرادها الله لنبيه وطبّقها عليه صلوات الله وسلامه لتسير أمته على هذه المنهجية، فهل نحن في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن ندرك هذه القيمة الخلقية؟ وهل نستطيع تطبيقها قولاً وفعلاً؟ وهل حان الوقت ليعود كل من أخذته زخارف الدنيا وزينتها وانحرف عن الطريق السليم إلى الصواب وإلى اتباع الخير والعمل بموجبه ورفض كل أعمال الشر، فهل نسي أحدٌ منا أن نبي الرحمة رفض كل أنواع التعصب والتكبر والتجبر، وقد سأله أصحابه فقالوا: هل من العصبية أن يحب رجل قومه فقال: لاءان العصبية أن يأخذ رجل بقومه إلى الظلم؟ إنه التحذير من البشير النذير صلى الله عليه وسلم والذي ترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ولا يتبعها إلا كل منيب سالك، أليس من الفضائل أن نعود إلى منهج سيد الأنام، ونترك الفرقى والتشتت والخصام!.. أليس من الأَولى أن يتمسك الجميع بدين الحق، وألا ننجر خلف من يريد إبعادنا عن قيمنا وعقيدتنا، وعن الإسلام الحقيقي دين الرحمة والتسامح، أليس من الأولى أن نحارب كل أنواع الفتن ونبذ العصبية والتفاخر بالولائم والأساطير، وأن يعطف الغني على الفقير.. ألم يحن الوقت لنزع فتيل التباغض والتباعد والتنافر بين أبناء المجتمع الواحد.. إنه حان الوقت أن نوحد صفوفنا وأن تكون كلمتنا واحدة خلف قيادتنا وخدمة الوطن.