سعد الدوسري
أواصل اليوم، ما بدأته بالأمس، عن علاقة حلم المواطن البسيط بالتنمية التي لن يستحقها بشكل حقيقي، إلّا من لم يذقها من قبل، ولم يتمتع بمفرداتها مثل غيره من أهل المدن الكبيرة. وبوجود خارطة عادلة للتوزيع التنموي، ستغدو البلاد كلها وكأنها مدينة واحدة، وسيغدو حلم المستقبل مشتركاً لكل من يسكن فيها، وسيفتخر القادةُ بالمخططين والمطورين الذين أوصلوا البلاد إلى هذه الدرجة من العدالة التنموية الجغرافية، لأن المواطن في المركز أو الهجرة أو القرية، هو نفس المواطن في المدينة الصغيرة أو الكبيرة، فكلاهما له حقوق، ويجب أن تؤدى له بنفس الدرجة. وبعد أدائنا لها، نستطيع أن نحفزه للقيام بواجباته. وفي الغالب، تكون منجزات الأول أفضل وأكثر تميزاً من منجزات الثاني. وأمامنا تجربة الإبتعاث، بنسختها القديمة أو بنسختها الجديدة، فالعديد ممن يبدعون ويتفوقون ويحصلون على أوسمة التكريم من الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا واليابان واستراليا، هم من سكان المحافظات الصغيرة والنائية.
الحلم لا حدود له، والمستقبل المضئ تصنعه أحلام المبدعين، دون تمييز جغرافي. ولن يكون هناك رهان حقيقي للمستقبل، دون أن يصعد هؤلاء على مراكبه المبحرة بعيداً في أمواج المستحيل. ولن يصعدوا، إنْ لم نهيئ لهم المراكب ونبعث في روحهم الحماس ونودعهم بكل حب وثقة وأمل. أي أن السرَّ كامنٌ في الشباب، أنْ نحن وفرنا لهم تنمية متساوية، في مدنهم الكبيرة وفي قراهم الصغيرة.